للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

أصول الأدب الهندي

أشرنا في عدد سابق من (الرسالة) إلى الجهد المشكور الذي يبذله الأستاذ وديع البستاني في البحث عن أصول الفلسفة الهندية وآداب الهنود، وأشدنا بهمته في نقل تلك الآثار الخالدة إلى اللغة العربية بعد أن وفر جهده على دراستها أربعين عاماً أو تزيد.

وقد جاء في الأنباء البرقية أن الأستاذ وديع أتم فعلا نقل الملاحم الهندية القديمة إلى اللغة العربية، وهي (الرامايانا) و (المهابهاراتا) و (النالادماينتي) و (الشاكونتالا)، كما أنه ألف كتابا خامساً عن الأساطير الهندية القديمة. . .

و (الرامايانا) و (المهابهارتا) ملحمتان الإلياذة، والأوديسة، فموضوعها تصرفات الآلهة وقصص الأبطال، وتعتبر (الرامايانا) أهم من (المهابهارتا)، كالإلياذة بالنسبة الأدويسة أما (النالادامايانتي)، فإنها إحدى القصص الخمس التي تتألف منها (المهابهارتا)، وأما (الشاكونتالا) فإنها قصة عنيفة من النوع الدرامي. ولكنها تعتبر حديثة بالنسبة لسابقاتها، إذ وضعها الشاعر (كالنياسا) في أواخر القرن الثالث للميلاد.

ويقول الباحثون في الأدب المقارن إن (الرامايانا) تشبه الإلياذة إلى حد كبير، بل إنها تشبهها تمام المشابهة، فإن الهنود ينسبون وضعها إلى شاعر قديم يدعى (فالميكي) ولكن حياة هذا الشاعر غير محققة، وإن البحث الحديث ليشك في وجوده كما يشك في وجود هوميروس، وإذا كانت الإلياذة قد صورت آلهة اليونان مجتمعة بقمة الأولمب، فأن الرامايانا كذلك صورت معبودات الهنود مجتمعة في قمة جبل ميرو، وتنسب الإلياذة إلى المعبودات اليونانية أنها كانت تتغذى بماء الخلود، وكذلك تنسب الرامايانا إلى المعبودات الهندية أنها كانت تشرب ماء العنبرية أي ماء الحق الذي يضمن لهم الحياة الباقية، وفي الإلياذة يقف (جوبيتر) أبو المعبودات اليونانية وفي يده الصاعقة ليرسلها على المغضوب عليهم من الضالين، وكذلك في الرامايانا يقف (أندرا) شيخ معبودات الهنود وفي يده هذه الصاعقة، ولكن الهنود يصورون معبودهم الكبير في وضع مهيب إذ يمثلونه بثوب أزرق مرصع بعيون كثيرة متكئاً على قوس قزح ومن حوله الحور العين، وكأنهم بهذه الصورة يرمزون إلى السماء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>