كثيراً ما تتعرض الأمة لأخطار جسيمة تقض المضجع وتقلق الأفكار، وتنغص العيش وتسلب الهدوء - فعندئذ تكون في أمس الحاجة إلى تقوية روحها المعنوية حتى لا تنهار، ورباطة جأشها حتى لا يستولي عليها الجزع، وثبات قلوبها حتى لا يتملكها الروع والفزع.
وكثيراً ما تتعرض الأمة لأزمات مستعصية تدعها مسابحة في أجواء من الوهم، غريقة في بحار من الوسوسة، شاردة في بيداء من الحيرة، مستسلمة لكتائب القلق ونوازع الاضطراب
وكثيراً ما تحيط بها النوائب؛ وتحدق بها الشدائد، وتصوب إليها سهام المكائد، وتصب عليها الأرزاء فلا ينقذها من هذا سوى الصبر والثبات والأيمان العميق:
. . . ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون أن كنتم مؤمنين: أما إذا بدأت الأمة في كفاح يحفظ لها عزتها، ونضال يعيد إليها حربتها، وجهاد يدك معالم ذلتها، وراحت تدفع بأبنائها إلى المعمعة ليبذلوا دمائهم في سبيل استقلالها، وليقدموا مهجهم لتحقيق غاياتهم، وليجودوا بأرواحهم ليهبوها حياة طيبة وعيشة راضية فإنها عندئذ تكون أكثر افتقار إلى تقوية الروح المعنوية فيحثها القرآن على الصبر والثبات:
اصبروا وصابروا ورابطوا ... إذا لقيتم فئة فاثبتوا)
ويحذرها أن يتسرب الضعف إلى نفوسها:
فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) ويبث فيها الثقة بالنفس ولو كانت قلة:
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين. ويقوي في نفوس أبنائها الثقة بالنصر لأنهم يجاهدون في سبيل نصرة الحق ولأن للحق قويا مقتدراً كفيلاً بنصرة جنوده:
(ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون - ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وإن الكافرين لا مولى لهم - وليكم الله ورسوله والذين آمنوا - ومن يتولى الله ورسوله والذين أمنوا فإن حزب الله هم الغالبون