الخطر الفاشستي والصراع بين الفاشستية والإمبراطورية
البريطانية
لباحث دبلوماسي كبير
انتهت أعمال القرصنة الإيطالية في الحبشة إلى نتيجة لم يتوقعها كثيرون من رجال الحرب والسياسة؛ فقد انتهت بانهيار قوى الحبشة بسرعة، وسقوط قواعدها في يد العدو المغير بلا مقاومة، ومثول عاهلها الإمبراطور إلى الخارج، تاركاً ملكه ووطنه وأمته إلى مصاير مجهولة. واستطاع موسوليني زعيم الفاشستية المعتدية أن يعلن خلال مناظر مسرحية ضم الحبشة لإيطاليا وتعيين ملك إيطاليا إمبراطورا للحبشة
ومن العبث أن نحاول التحدث هنا عن أسباب انهيار المقاومة الحبشية بتلك السرعة المدهشة بعد أن استطاعت أن تصمد في وجه العدو أشهراً، وأن تقف زحفه سواء في الشمال أو الجنوب حتى شهر مارس الماضي؛ ولكن المحقق أن هذا التطور الفجائي في أقدار الحرب يرجع قبل كل شيء إلى التجاء الإيطاليين، بعد أن عجزوا عن التغلب بوسائل الحرب المشروعة إلى استعمال وسائل الحرب المحرمة كالغازات القاتلة وغيرها؛ وهكذا استطاعوا بتلك الوسائل المجرمة أن يمزقوا صفوف الأحباش، وأن يلقوا الروع في نفوس الشعب الحبشي بأسره، هذا إلى ما يذاع من أنهم استطاعوا أن يبثوا بالرشوة والإغراء كثيراً من أسباب الشقاق بين مختلف الرؤوس والزعماء
على أن هذا النصر المثير الملوث بأدران الجريمة، والذي يعتبر بحق قرصنة استعمارية محضة، لم يمنع الفاشستية الإيطالية من أن تزفه إلى العالم نصراً رومانياً للحضارة والمسيحية المتمدنة، على بلاد همجية تتوق إلى الانظواء تحت السيادة الإيطالية الظليلة، والأخذ بأسباب الحضارة الإيطالية الزاهرة! ولم يمنع زعيم الفاشستية من أن ينوه بأسلوبه المسرحي بعظمة هذا النصر الفاشستي، وبأنه عنوان ساطع لقوة إيطاليا الفتية، وأن يتوعد أوربا والعالم كله بأنه على استعداد لأن يسحق أية قوة أو دولة تحاول أن تقف في سبيله أو تحاول أن تحرمه من ثمار ظفره