للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[دمعة. . .]

على مساجد الفسطاط وآثاره

للأستاذ أحمد رمزي

كانوا مصابيحاً لدى ظلم الدجى ... يسري بها السارون في الإدلاج

كانوا ليوثاً لا يرام حماهم ... في كل ملحمة وكل هياج

فانظر إلى آثارهم تلقى لهم ... علماً بكل ثنية وفجاج

نشرت مجلة الإخوان المسلمين كلمة في عددها الماضي تتلخص في أن أحد النواب صرح بأن في مصر القديمة ثمانية أديرة وكنائس عدة، تقابلها مصلاة واحدة من الطين والبوص على شاطئ النيل وقد اهتمت السلطات لهذا الأمر.

وأبدأ حديثي بأن أشكر إخواننا المسيحيين من مختلف طوائفهم ومللهم أن عرفوا كيف يحفظون آثارهم ومعابدهم وهي حق لهم ومفخرة لمصر؛ وأجزل لهم الشكر والثناء لأنهم بعملهم هذا وسهرهم على تراث آبائهم والمحافظة عليه قد ألقوا علينا درساً مفيداً نحن معاشر المسلمين في القرن العشرين.

ولا أجد ما أعبر عنه للسلطات إذا صدق ما قيل من اهتمامها لهذا؛ فإن هذه الحمية لدليل على وعي قومي ويقظة لم نعهدها من فبل؛ ولذلك نؤمل وننتظر أن تتبع هذه الحمية أو هذه البادرة الطيبة بالعمل الصالح الجريء النافذ؛ فتعيد لهذه البقعة بعض ما اندرس من آثارها ومفاخرها.

ولقد أثارت هذه الكلمة الكثير من شجوني وآلامي، وأعادت إلى ذكرى الماضي العربي في أجلي مظاهره؛ فعدت لنفسي ورجعت إلى الوراء، وتذكرت ما قرأته وسمعته عن عهود كانت فيها هذه البقعة من الأرض عامرة بمساجد الله وبالآثار الإسلامية؛ فعلمت كيف نزلت بها القبائل العربية أيام الفتح الإسلامي، وكيف استوطنتها واتخذت فيها الخطط والمنازل وكيف أصبحت اليوم خالية خاوية.

فمن المسؤول عن هذا الخراب الشامل، وهذا الدليل الذي نعيش فيه؟

إن تحميل الزمن وأحداثه كل العبء من الأخطاء والأرزاء التي نعانيها أمر سهل؛ ولكنه لا يتفق مع الحياة؛ والأمم تحيى وتتغلب بحيويتها ونشاطها وتصميمها وعنادها على حوادث

<<  <  ج:
ص:  >  >>