أن دراسة طرائق ألمانية التجارية أمر من الأهمية بمكان، إذ يقودنا إلى تفهم أسلوبها في السيطرة الاقتصادية على وسط أوربا والبلقان التي تبعها النفوذ السياسي. كما تعتبر هذه الأساليب أهم جانب يشرح لنا النظام الجديد في أهم صوره العملية، ويظهر للعالم ما ينتظره من وراءه وما يتوقعه من تطبيقه من إلغاء حرية التعامل وتقييد التبادل تقييداً غير محدود المدى، وتدخل الدولة في كل ما جل ودق من شؤون الفرد. وسيظهر لنا تحليل السياسة التجارية التي أتبعت في فترة تولي النازي أزمة حكم ألمانيا أن هذا النظام معناه تسخير الشعوب لمد ألمانيا بما يعوز صناعاتها من المواد الخام، فضلاً عن إلغاء جميع الأوضاع النقدية المقررة التي ألفها العالم واطمأن إليها، كما يبين لنا شرح هذا النظام مدى مسئوليته عن الحرب الحاضرة.
١ - تقييد حرية نقل الأموال
يعتبر عام ١٩٣١ السنة التي ولد فيها نظام التحكم في التجارة الخارجية التي كانت الغاية المرجوة منه الحيلولة دون سحب القروض الأجنبية من ألمانيا التي كانت دعامة ترتكز عليها قيمة المارك في الخارج. ولما تولى النازي أزمة الحكم في ألمانيا، هرعت رؤوس الأموال الأجنبية فيها إلى الخروج منها حتى بلغت قيمة ما سحب منها ٤. ٥ مليار ريشمارك في المدة ١٩٣٢ - ١٩٣٤. هنا صدر مرسوم يقيد نقل الأموال التي يحصل عليها الأجانب من استثماراتهم داخل ألمانيا، وخول للمدينين الألمان التخلص من التزاماتهم تجاه الخارج بإبداع قيمتها ماركات في حساب خاص في برلين. على أنه أستمر تحويل الفوائد والأقساط المستحقة لغرض (داوز) والفوائد المستحقة لغرض (يونج). أما أقساط الاستهلاك للقروض الأخرى، فقد أوقف صرفها، ودفعت نصف الفوائد المستحقة لها، فحسب بالعملة الأجنبية إلى نهاية سنة ١٩٣٣. أما الفوائد غير المحولة، فأن الدائنين الأجانب منحوا سندات في مكنهم بيعها لبنك خصم الذهب ليحصلوا مقابلها على العملة الأجنبية. بيد أن هذا البنك لم يكن ليقبل شراء هذه السندات إلا بنصف قيمتها الاسمية؛ أما النصف الأخر فكان يستخدمه البنك المذكور لإعانة الصادرات التي يأمل الحصول - عن