للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش ذكر المعري]

(داعي الدعاة) مناظر المعري

للدكتور محمد كامل حسين

- ٦ -

رأينا المؤيد عالماً من أكبر علماء عصره، ومؤلفاً يبث آراءه وتعاليمه في بطون الكتب، ومجادلا له خطره يخشاه مناظروه ويرهبه أكبر مفكري عصره وهو أبو العلاء المعري. والآن نتحدث عن أثر المؤيد فيمن جاء بعده بعد أن عرفنا مقدار تأثيره في معاصريه، فقد كان للمؤيد تلاميذ استمعوا إليه وأخذوا عنه، منهم الشاعر الفارس المشهور (ناصري خسرو) الذي وفد إلى مصر بدعوة من المؤيد، ووصف مصر في كتابه المشهور (سفر نامه). فقد تحدث هذا الشاعر عن المؤيد ومجالسه في كثير من قصائده. فمن ذلك ما ترجمته:

(إن الله قد فتح عليك باب الحكمة بما تفتح عنه خاطر الأستاذ المؤيد

كل من يراه يوم مجلسه يرى عقلاً مفكراً

أن الأستاذ جعل يعطي يوماً مشرقاً ببراهين منيرة كالشمس

إني نظرت من زاوية عقله فرأيت الفلك دائراً تحتي

فقد أطلعني على العالمين (الظاهر والباطن)

وجعلهما حاضرين وفي مكان واحد من وجودي.

إني رأيت في مكان واحد مالكا ورضوان، واستقر في صدري الفردوس والنيران

وقال لي إنني تلميذه، وأشار عندئذ إلى رضوان)

إلى غير ذلك من أشعار ناصري خسرو الفارسية التي تحدث فيها عن أستاذه المؤيد والتي يطول بنا الحديث لو تتبعنا أثرها.

من ناحية أخرى يعد المؤيد أستاذ الدعوة الفاطمية في اليمن مع أنه لم يرحل إلى هذه البلاد، بل نقل تلاميذه إلى هذه البلاد آراءه وتعاليمه، وأثبت علماء اليمن هذه الآراء والتعاليم فيما تركوه لنا من كتب، بل أستطيع أن أقول إن علماء الدعوة في اليمن هم أكثر

<<  <  ج:
ص:  >  >>