الناس حديثاً عن المؤيد، واقتباساً من كلامه واستناداً لحججه، وأشدهم اعتقاداً بأن الحق ما قاله المؤيد دون غيره من الدعاة، ويكفي أن نستدل على ذلك بقول إبراهيم بن الحسين الحامدي المتوفى سنة ٥٥٧هـ في كتابه كنز الولد: وسيدنا المؤيد أقرب الحدود إلينا، وهو لا يأتي إلا بصحيح ما جاء به الحدود وإلغاء ما كان به شبهة أو فساد، لأن الآخر ينسخ ما جاء به الأول بإيضاح الرموز؛ والمؤيد حجة رابع الأشهاد ذو القوة في العلم والتأييد والحكمة والتسديد المنصوص عليه باسم الحججية، كما قال مولاه المستنصر عنه:
يا حجة مشهورة في الورى ... وطود علم أعجز المرتقى
شيعتنا قد عدموا رشدهم ... في الغرب يا صاح وفي المشرق
فانشر لهم ما شئت من علمنا ... وكن لهم كالوالد المشفق
إن كنت في دعوتنا آخرا ... فقد تجاوزت مدى السبق
مثلك لا يوجد فيمن مضى ... من سائر الناس ولا من بقى
فهذه شهادة من لا ترد شهادته، وأمر من لا يرد أمره، وتفويضه له في نشر ما أحب أن ينشره من العلم بلا حصر ولا قصر، لعلمه بما عنده من الحق)
أما الذي نقل آراء المؤيد إلى اليمن فهو تلميذه لمك بن مالك قاضي قضاة اليمن في عهد الصليحي. ولم أجد في الكتب التي تتحدث عن اليمن شيئاً عن لمك هذا، ولكن الحسن بن توح الهندي صاحب كتاب الأزهار ذكر لنا قصة طويلة، ونلخصها في أن الصليحي صاحب اليمن أرسل قاضي قضاته (لمك بن مالك) على رأس وفد إلى مصر للسماح للصليحي في النهوض إلى العراق لامتلاكها باسم الفاطميين. فلما جاء الوفد إلى مصر نزل لمك في دار المؤيد مدة خمس سنوات وانتهز هذه الفرصة؛ فأخذ عن المؤيد أسرار الدعوة الفاطمية، وكان يدون كل ما يسمعه عن المؤيد إلى أن استوعب كل ما عند المؤيد من علم، وكان المستنصر الفاطمي قد حجز وفد اليمن لأسباب لا نعلمها، ولم يسمح لهم بالعودة إلى بلادهم إلا بعد أن قتل الصليحي، فعاد لمك إلى اليمن وهناك بخل بعلمه، ولم يسمح إلا بالشيء القليل منه للداعي المكرم بن الصليحي وللملكة الحرة أروى وأحمد بن قاسم وغيرهم من الدعاة، بينما خص لمك ابنه يحيى بن لمك بجميع أسرار الدعوة وكل ما عنده من العلم والحكمة وسلمه كل ما دونه عن المؤيد؛ فهيأ بذلك ابنه يحيى ليكون حجة اليمن