في عهد الخليفة الآمر الفاطمي، وأصبح يحيى أكبر عالم في اليمن يحج إليه أتباع المذهب الفاطمي للأخذ من علومه التي رواها عن أبيه عن المؤيد
وذكر صاحب كتاب الأزهار جماعة من تلاميذ يحيى منهم الداعي الخطاب بن حسن الشاعر المتوفى سنة ٥٣٣هـ وذؤيب بن موسى المتوفى سنة ٥٤٧هـ وغيرهما، وهؤلاء الدعاة انتشروا في اليمن يبشرون بما سمعوا عن يحيى بن لمك وأصبح لهم تلاميذ. فذؤيب مثلاً أستاذ الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي، وهذا أستاذ حاتم بن إبراهيم، وهذا أستاذ علي بن حاتم، وهذا أستاذ علي بن محمد بن الوليد. وهكذا نستطيع بسهولة ويسر أن نتتبع علماء الدعوة في اليمن وأن نلمس في هذه المدرسة روح المؤيد وتعاليم المؤيد أخذها دعاة اليمن أحدهم من الآخر. ولو تصفحنا كتب الدعوة في اليمن التي وضعت في القرنين السادس والسابع من الهجرة لا نكاد نجد كتاباً منها يخلو من استشهاد بأقوال المؤيد أو بأشعاره، فصاحب (كنز الولد) ذكر المؤيد في أكثر من ستين موضعاً، واقتبس من المجالس المؤيدية ومناجاته وأشعاره. وصاحب كتاب الأنوار اللطيفة ذكر المؤيد أكثر من أربعين مرة، ونقل صاحب كتاب الأزهار فصولاً بأكملها عن المجالس المؤيدية منها رسائل المؤيد إلى أبي العلاء المعري وهكذا، وكان هؤلاء العلماء يشيرون إلى المؤيد بقولهم:(سيدنا المؤيد) أو (سيدنا) فقط إمعاناً في تعظيمه وتبجيله. وإذن فقد كان المؤيد عظيم الأثر في الدعوة الفاطمية بل لا تزال كتبه إلى الآن من أمهات الكتب التي لا يقربها إلا من بلغ مرتبة عالية من مراتب الدعوة في الهند واليمن (أي بين طائفة البهرة)
هناك ناحية أخرى تتجلى فيها عبقرية المؤيد، تلك هي ناحية الفن الأدبي عند المؤيد، فقد كان المؤيد رجلاً صاحب فن كما كان علماً من أعلام المذهب الفاطمي، وكانت صفته المذهبية تضطره إلى أن يحيط بكل شيء حوله، وإلى أن يلم بالآراء المذهبية وبالتيارات الفلسفية التي ملأت الأقطار الإسلامية في ذلك العصر، فأخذ المؤيد بحظ وافر من نواحي الحياة العقلية المختلفة واضطر إلى أن يجادل مخالفي مذهبه طوراً بالمكاتبة وطوراً بالمناظرة الشفوية فكان ذلك من أقوى الأسباب التي أدت إلى أن يكون المؤيد حريصاً أشد الحرص في أسلوبه وفي لفظه وأن يكون ناقداً مدققاً يفكر ويطيل التفكير وينقد كل لفظ قبل أن يذيعه في الناس فظهر أسلوبه الأدبي أسلوباً رائعاً يبهر السامعين، جمع بين قوة أسلوب