نشرت في الرسالة (العدد ١٥٧ في ٦ يوليو لسنة ١٩٣٦) كتاب أستاذنا الكبير العلامة شيخ الشريعة، إمام مجتهدي الشيعة، الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، في نقد ما ذهبت إليه في كتابي (نظام الطلاق في الإسلام) من اشتراط الأشهاد في الطلاق وفي الرجعة، خلافاً لما ذهب إليه أئمة الشيعة من إشتراطه في الطلاق دون الرجعة، وقد انتصر الأستاذ - حفظه الله - لمذهبهم بأبدع بيان، مما لم نجد له نظيراً فيما بين أيدينا من كتب العلماء من الشيعة الإمامية
ووعدت أن أناقش الأستاذ فيما ارتأى واختار، وان أبين وجهة نظري، ملتزماً ما رسمته لنفسي من شرعة الأنصاف في البحث والنظر (فاكشف عن حجة خصمي وعن حجتي، لي وللناظرين: فأما انتصر قول خصمي ورجعت عن قولي، وإما انتصرت لقولي وزدته بياناً وتأييداً، لا أبالي أي ذينك كان)
ووفاءاً بما وعدت انشر هنا ما قلته في الكتاب (ص ١١٨ - ١٢١):
(قال الله تعالى في أول سورة الطلاق: (يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة، واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله، ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه. لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف، وأشهدوا ذَوَيْ عدل منكم، وأقيموا الشهادة لله))
(والظاهر من سياق الآيتين إن قوله (وأشهدوا) راجع إلى الطلاق والى الرجعة معاً، والأمر للوجوب، لأنه مدلوله الحقيقي، ولا ينصرف إلى غير الوجوب - كالندب - إلا بقرينة، ولا قرينة هنا تصرفه عن الوجوب. بل القرائن هنا تؤيد حمله على الوجوب: لأن الطلاق عمل استثنائي يقوم به الرجل - وهو أحد طرفي العقد - وحده، سواء أوافقته المرأة أم لا، كما أوضحنا ذلك مراراً، وتترتب عليه حقوق للرجل قِبَل المرأة، وحقوق للمرأة قبل الرجل، وكذلك الرجعة، ويخشى فيهما الإنكار من أحدهما، فإشهاد الشهود يرفع احتمال