للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من هنا ومن هناك]

ألمانيا وإيطاليا عند مفترق الطريق

(عن مجلة (باريد))

قد يخطر على بال الكثيرين ممن يتتبعون الحركة الفاشية في أوربا، أن الشعب الإيطالي والشعب الألماني مرتبطان برباط وثيق العرى، في الميول والعواطف، وأن مظاهر الحياة العامة متفقة في الدولتين المتحدتين

والحقيقة أن الصلة بين جماعة النازي في ألمانيا، وجماعة الفاشستي في إيطاليا، صلة بين الحكومتين فحسب من حيث وجهة النظر الخارجية، أو ما يسمى محور برلين رومه

وقد كتبت لادي درا موندهاي في مجلة (كانديان هوم) مقالاً في هذا الموضوع قالت فيه إنها زارت البلدين في الأيام الأخيرة، وخبرت أحوالهما عن كثب، وتستطيع أن تقرر أن الشعب الإيطالي ليست له ميول خاصة نحو ألمانيا، وقد سمعت كثيراً من النقد اللاذع ضد ألمانيا على ألسنة بعض الإيطاليين الذين لم يرتاحوا إلى تقليد إيطاليا لها

وقد راعها ما رأته من الفرق الشاسع بين مظاهر الحياة في كل من البلدين الدكتاتوريين. فقد دب الفساد إلى كل شيء في ألمانيا، فالطعام لا يخلو من الغش، والنقص يعتور كافة السلع المعروضة في الأسواق. أما في إيطاليا فالأمر على خلاف ذلك، إذ تستطيع أن تجد فيها ما تريد بغير مشقة. وفي ألمانيا تنتشر الجاسوسية في كل مكان فلا تمشي خطوة أو تتكلم كلمة إلا وعليك رقيب يعد عليك كل خطوة ويحصي كل كلمة فلا يمكنك أن تعيش ساعة بعيداً عن الشكوك التي تحيطك من كل جانب. أما في إيطاليا فحرية الكلام مكفولة ومباحة بصفة نسبية. وقد تمر في بعض شوارع ألمانيا فلا تجد غير بريق الملابس الحربية ومناظر الجنود تملأ الرحب. ولكنك في إيطاليا لا تبرح ترى أسراب السيدات المتأنقات يدلفن إليك من كل فج، والأهالي ينصرفون إلى أعمالهم بغير رقيب أو حسيب

وتقول ليدي درا موندهاي: لقد وجدت الحالة في ألمانيا على وجه العموم ثقيلة لا تطاق، ولقد اعتدت زيارة ألمانيا منذ خمس عشرة سنة وكنت أزورها أكثر من مرة في العام الواحد، ولي فيها أصدقاء كثيرون، فإذا حكمت عليها الآن فإنني لا أحكم عن جهل. لقد غابت مظاهر الحياة عن الوجوه، وغربت الابتسامة التي كانت تشرق على أفواه بعض

<<  <  ج:
ص:  >  >>