للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لا بد للأرض من هداية السماء]

للأستاذ محمد محمد المدني

الأستاذ بكلية الشريعة

للإنسانية أهداف ثلاثة إذا وصلت إليها وحققتها فقد وصلت إلى القمة، وحققت خلافة الله في الأرض كما أرادها الله. هذه الأهداف الثلاثة هي: الحق، والخير، والجمال. . وكل واحد منهما ضروري ما دمنا نريد السعادة الشاملة للجنس البشري، وننشد الكمال الذي به يكون الإنسان إنساناً.

ولقد مضى على الإنسان قرون وآماد كان فيها فريسة الجهل والوثنية، يعبد الشمس والقمر والنجوم، بل يعبد الأحجار والأشجار والحيوان، ولا يتمتع بلذة المعرفة وإدراك الحقائق، ولا تتصل روحه، ولا يسمو عقله إلى خالق هذا الكون العجيب، ولا يمتد تفكيره إلا إلى ما بين يديه كأنه واحد من هذه الحيوانات التي تعج بها الأرض لا يمتاز عنها كثيراً!

وكان الإنسان أيضاً فريسة هينة مستسلمة لعوامل الشر والفساد التي تتمثل في ضعفه وعجزه، وتتمثل في تسخير الأقوياء للضعفاء، وتتمثل في ظلم الرعاة والمملكين، وتتمثل في البهيمية الحمقاء التي لا تعرف حدوداً، ولا تهدف إلى غرض، وتتمثل في الانحلال والتخبط والارتجال في كل ناحية من نواحي الحياة!

وكان الإنسان محروماً من إدراك الجمال والتمتع بلذته: فالقانون قانون القوة كما هو الشأن بين وحوش الغاب، وليس للأخلاق موازين، ولا للفضائل مقاييس، ولا للشرف قيمة، ولا للحياة مثل تحتذى أو تراد.

وما لهذا خلق الإنسان، ولا بهذا استحق خلافة الله في الأرض، ولا لهذا أستحق بنو آدم التكريم على سائر ما خلق الله!

فلم يكن بد من (هداية السماء) تكفله وتهذبه وتقرب له السبيل، وترسم له الصراط المستقيم، وتخرجه من الظلمات إلى النور، وبذلك كانت الرسالات الإلهية التي تطورت وتركزت وانتهت إلى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وختمت بها كآخر قانون سماوي ضمن له الحفظ والبقاء، وألا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لا لمجرد أن ذلك هو ما قضت به الإرادة الإلهية، ولكن لأنه القانون الذي أتى وفقاً للطبيعة، وزود من المبادئ بما يجعله

<<  <  ج:
ص:  >  >>