إن التغير المستمر الذي طرأ على مركز المرأة قد سبب كثيراً من مصائبنا الاجتماعية، ولا تزال الحالة تزداد كل يوم سوءاً وما دامت المرأة ترى واجبها في الحياة أن تكون أماً وزوجة وربة منزل فهي شريكة الرجل في سروره وحزنه وغناه وفقره، ولكنها متى تركت هذا المجال فلا يمكن أن تكون إلا واحدة من اثنتين: إما خادماً للرجل وإما حاكمة له، ومن أجل ذلك كانت أتعس السيدات هن نساء الطبقة التي يدعونها بالطبقة الراقية واللواتي يقضين أيامهن كسالى بليدات ويعهدن بكل واجب من واجباتهن إلى أخريات، فإنهن اقل شعوراً بالسعادة من سائر النساء.
ولقد كانت بطلة هذه القصة من النوع الأخير. . فإنها نشأت وظلت طوال عمرها لا تقدر مسئولية لشيء، فهي تنتقل من يد المرضعة إلى يد المربية إلى معلم الموسيقى والرقص دون أن تشعر في هذه الأدوار إلا بأنها مخدومة، وأن على غيرها واجبات لها وليس عليها لأي إنسان أي واجب.
وتزوجت من رجل متقدم في العمر فمات وهي لم تبلغ الخامسة والعشرين، وقد وجدت نفسها عند موته غنية ذات معجبين كثيرين بجمالها وهي حرة في اختيار ما تريد وترك ما تشاء، فكانت نتيجة حياتها على هذا النمط أن بالسأم وأحست بأن الحياة عبء ثقيل عليها، فكان لذلك كل عملها أن تقتل الوقت كأنما هي لا تريد إلا التخلص من حياتها جزءاً فجزءاً. ولكنها مع هذا السأم من الحياة كانت زينة الحياة وبهجتها في أعين كثيرين، ومن الغلطات الشائعة أن الناس يحسبون أن جميلة العينين وسيمة الوجه تكون حتماً ذات ذكاء يتناسب مع جمالها وتكون ذات روح شعرية.
ولئن كان في السيدات من تجتمع فيهن هذه الصفات فإن صاحبتنا البارونة أديل لم تكن كذلك بل كانت روحها قاتمة مظلمة كانت متوسطة الطول نحيلة شديدة البياض بحيث يظهر في جلدها الناصع لون عروقها الزرقاء. وهي جميلة الوجه والأنف صغيرة الفم وردية الشفتين ذهبية الشعر، ولكن عينيها كانتا أجمل شيء فيها فقد كانت نظراتها الوسنى مثل