١ - لزيارة حصن الأكراد قصة لا بأس من إيرادها على سبيل الفكاهة كمدخل لهذا الحديث، فقد سبقتها زيارة لحصن آخر هو قلعة مدينة طرابلس. ولم يكن لدى برنامج موضوع لزيارة القلاع والحصون التي أنشأها الصليبيون أو احتلوها بالمشرق، وإنما جاءت الزيارتان وليدتي المصادفة. وإليكم ما دفع إليهما.
٢ - حينما جاء الجنرال جورو الفرنسي إلى مدينة طرابلس عقب احتلال فرنسا للبلاد بعد جلاء الجيوش البريطانية عنها، استقبل في قلعتها استقبالا غريباً، فقد تلقاه جماعة من جنوده، وقد لبسوا لباس فرسان الهيكل ومقابلة الاسبتار ومعنى هذا الاستقبال مظاهرة صليبية بعد سبعمائة سنة من انتهاء هذه الحروب. وخطب الجنرال وأظهر سروره باسترجاع فرنسا لمعقل من معاقل الصليبيين. وقد عد هذا العمل من أخطاء جورو التي سجلت عليه، لأن فرنسا لم تفتح هذه البلاد بجيوشها حتى تحتفل باسترجاع حصن نزع منها. ثم إن عقلاء الفرنسيين أشاروا بخفة إلى أن هذه الحروب كانت حرباً عامة اشترك فيها الفرنسيون وغيرهم من الألمان والإنجليز. كانت نهاية الحروب خروج الصليبيين بعد هزيمتهمن فليس من الحكمة في شيء أن تلصق هذه الحروب ونتائجها بالشعب الفرنسي وحده.
٣ - كان قد مضى أكثر من عشرين عاماً على هذه الحوادث حينما زرت مدينة طرابلس، فإذا بأهل المدينة يتحدثون عنها، وكأنها حصلت من أيام. لله در الجنرال جورو! لقد كان أهل طرابلس رجال رباط ومثاغرة منذ القدم، فإذا هو يذكرهم بماضيهم، وإذا هم من جديد من المرابطين المثاغرين الذين لم يفقدوا شيئاً من حماسة آبائهم وأجدادهم، وكان أن تحادثنا في موضوع مدينة طرابلس وكيف دخلتها جيوش الملك المنصور سيف الدين قلاوون وانتزعتها من أمراء الصليبيين؛ وتحمس الجمع فخرجنا إلى قلعة طرابلس، وقرأنا الكتابة