للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

معرض الرسام زهدي:

أقام الرسام زهدي معرضا في نادي الصحفيين هذا الأسبوع تحت رياسة الوزير العالم إبراهيم دسوقي أباظه باشا عرض فيه سلسلة من الرسوم تمثل الوقائع المتتابعة للتاريخ المصري والعوامل التي سيطرت على توجيهه منذ الحملة الفرنسية حتى نهاية حكم إسماعيل باشا، وليس هذا في الوقع بالعمل الهين، فإنه اتجاه يقتضي الدراسة والاستيعاب والاندماج الروحي في جو ذلك التاريخ حتى يمكن أن ينفعل إحساس الفنان بحقائقه واتجاهاته فيرسمها بريشته كأنها أجسام حية ناطقة تتمثل مشاهدها للنظر والفكر.

والتعبير عن الحقائق التاريخية بقلم المؤرخ أسهل بكثير من التعبير عنها بريشة الرسام، لأن المؤرخ يسرد لك الوقائع على ما تؤدى إليه المقدمات من نتائج، وتدل عليه الاتجاهات من حقائق، أما الرسام فإنه لابد أن يعرض عليك في هذا شيئا يستوقف النظر ويثير الإحساس ويوحي إلى الذهن، وهذا كله ما وفق إليه ذلك الرسام المصري المؤمن بفنه وبوطنه وبفكرته.

وحقائق التاريخ حين تظهر في معرض الفن تكون أروع مظهراً وأشد تأثيراً وأتقى على الزمن وأخلد، فإننا ما نزال نتغنى بحروب الإغريق ووقائعها التاريخية، لا كما دونها المؤرخون، بل كما أنشدها في القديم شاعر ضرير اسمه هوميروس.

لهذا كان اتجاه الرسام زهدي إلى تصوير حقائق التاريخ المصري ووقائعه في فترة من فترات التطور أجل خدمة نحو قوميتنا ونحو تاريخنا يؤديها الفن، ولقد تجلت في رسومه دراسة المؤرخ وتمحيصه للحقائق، إلى جانب ما تجلى من روعة الفن وبراعته، وإن من الواجب على وزارة المعارف أن تضع يدها على هذه الرسوم التي تمثل تاريخنا الحديث أروع تمثيل، فتضعه في ما قصد إليه ذلك الفنان البارع من خدمة التاريخ المصري والقومية المصرية.

لو أن فنانا أجنبيا عرض على وزارة المعارف مثل هذا العمل لوقفت أمامه خاشعة وقامت له مهللة، ويفتح في الميزانية اعتماد ضخم لإخراجه. . . ولكنه اليوم عمل فنان مصري صميم كأروع ما يجب أن يكون، فهل آن لنا أن نؤمن بالنبوغ. المصري فنؤازره وننتفع

<<  <  ج:
ص:  >  >>