للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الشعر]

رحلة عابسة

للأستاذ أحمد محرم

من دمنهور عاصمة البحيرة التي هي مقر الشاعر إلى

القاهرة، ومن القاهرة إلى الإسكندرية عن طريق الصحراء،

انطلقت به السيارة هو وصديق له، فمر في طريقه بدنشواي

والقناطر الخيرية والأهرام، فتنكرت شاعريته لكل هذه

المشاهد، أو هي قد تنكرت لهذه الشاعرية الساخطة، وحسبه

أن يكون في جوف الصحراء فيحسب أنه في نفق من الأنفاق،

وأن يكره الشمس فيراها تخلع رداء الحسن والإشراق، ويشهد

الروض يكره نفسه، فيلقي بما فيه من زهر وأوراق. وهذا ما

يقول في هذه الرحلة العابسة:

عَصَف الْهَوَى بَجَوانِح المُشْتَاقِ ... وَهَفاَ الَحْنيِنُ بقَلْبِهِ الَخْفَّاقِ

مَا يَصْنَع الْقِلْبُ الطَّرُوبُ إذ الْهَوى ... بَلَغَ القَرارَ، وجَالَ في الأعْمَاق؟

يا صَاحِبي: فِيمَ المُقَامُ عَلَى الأذَى؟ ... سِرْ فالْبِلاَدُ فَسِيحَةُ الآفاق

اركَبْ جَنَاحَ الرَّيح وَاسْتَبِقِ المَدَى ... بَعْدَ المَدىَ (بالشَّاعِرِ السَّبَّاق)

ماذَا تَظُنُّ بِناَ المَدَائَنُ والْقُرَى؟ ... الرَّكْبُ رَكْبِي، والرِّفاقُ رفاقِي

وَأَنَا الَّذِي أَحْبَبْتُهاَ، وَجَعَلْتُهاَ ... دَارَ الهوَى، وَمَحَلَّةَ الأشْوَاق

وَلَكَمْ سَقَيْتُ رُبُوعَها مِنْ أَدمْعُي ... وَالبَاكِياتُ جَوَامدُ الآمَاق

لاذَتْ بأَرْوقَةِ الْبَيَانِ فَلَمْ تَجِدْ ... في الَحْادِثَاتِ النُّكْرِ مِثْلَ رِوَاقي

أدب تَحَصَّنَ بالْمرُوُءةِ فارْعَوَى ... عَنْهُ المُسَاوِمُ، وَاتّقَاهُ الرَّاقي

<<  <  ج:
ص:  >  >>