وأما ألفاظ الشعر ففيها كثير من الألفاظ العربية وعليها طابع عربي في تركيبها، ولكن أثر العربية في الشعر أقل منه في النثر.
وأما قوافيه وأوزانه فلا يمكن تفصيلها في هذا المقال، وحسبنا أن نقول إن الفرس يكثرون من الشعر المزدوج الذي يسمونه المتنوي وهو شعر القصص كلها، وأكثروا كذلك من الدوبيت أو الرباعي، وعندهم ما يسمونه تركيب بند، أو ترجيع بند، وهو قريب من الموشحات العربية، وعندهم الشعر المردف وهو الذي تكرر في آخره كلمة واحدة ويعتبر الروي والقافية ما قبل هذه الكلمة. وجملة القول أنهم لم يسهلوا القوافي العربية وإن اخترعوا ضروبا فيها.
وأما الوزن فجدير بالتدقيق جداً، فان الفرس حاكوا العرب في أوزانهم أول الأمر ولكنهم سرعان ما نبذوا أشهر الأوزان العربية. فالطويل والمديد والبسيط والوافر والكامل، وهي بحور الدائرة الأولى، لم ينظم فيها الفرس إلا جماعة من المتقدمين أرادوا إظهار براعتهم كما يقول شمسي قيس. ونظموا في الرمل والرجز والخفيف والمضارع والمجتث والمتقارب (وهو وزن الشاهنامة) وأولعوا بالهزج ولعاً شديداً حتى جعلوه أصلا فرَّعوا منه أصناف الرباعي وخرجوا به عن أصله العربي.
ويلاحظ أنهم لم يقفوا بالبحور عند المقادير العربية، فالرمل قد يأتي مثمناً والرجز كذلك وما جاءا قط كذلك في شعر العرب، والهزج (مثلا) الذي هو سداسي الأصل عند العرب ومجزوء وجوباً ينظم منه الفرس مثمنا. ثم تصرف الفرس في الزحاف والعلل تصرفاً كثيراً جدا، واشتقوا من الدوائر العربية بحورا أخرى قريبة من البحور الأصلية مثل الغريب والمشاكل والقريب.