للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

الوساطة في التعليم:

لا شك أن الأزمة القائمة في قبول الطلاب بالمدارس ومعاهد التعليم المختلفة، يعاني كثير من الناس شرها، ويلاقون فيها الضيق والعنت، ولا تقتصر الآفة على مظاهرها القريبة البادية، فإن لها آثارا بعيدة غير هذه المظاهر. أن الوالد اللهيب الحريص تعليم ولده لا يدخر وسعاً في رجاء أصدقائه ومن يلوذ بهم من ذوي النفوذ في القبول بالمدارس، من كبير في الوزارة أو ناظر أو ناظرة أو مدرس أو مدرسة، أو من يتذرع بهم إلا هؤلاء - هذا الوالد وهو مثل من كثير، يعدُّ الأزمة منتهية بقبول ولده في المدرسة أو الكلية، ولكن هناك أثراً بعيداً غائرا في نفس الولد، فقد قر عنده أن (كل شيء بالواسطة) حتى دخول المدارس. سينسى متاعب أبيه في سبيل إدخاله المدرسة، وما بذله في هذا السبيل من وقت وجهد كان عمله في حاجة إليهما، وما عساه أن يكون قد شعر به من الحرج في رجاء الناس؛ ولكنه لن ينسى أن (الواسطة) مفتاح الباب المغلق ولو كان باب العلم.

ويا لحسرة الواقفين وراء الأسوار والأبواب. . إنهم أيضاً تتفتح أعينهم على أن (كل شيء بالواسطة) فهم يندبون حظهم لأنهم لا وسيط لهم. . حتى من لا تنفع في حالته الوساطة لو تيسرت كمن كبرت سنه وكثر رسوبه، أن هذا أيضاً يدعي أنه محروم لفقدان الوسيط.

وما بال هذا الذي تتحقق في ولده شروط القبول وتتوافر له أسباب الأولوية، من ملاءمة السن وتقدم في النجاح ونحو ذلك، ما باله يهرع إلى من يوصي بولده؟ إنه يعيش في الجو. . . ويخيل إليه أن الوساطة أول الشروط! وهناك كثير من الناس يرون في اتخاذ الوساطة مظهراً للوجاهة ودلالة على علو المكانة، فالمقصد عندهم هين في ذاته جليل بجلالة الوسيط. . .

وهكذا يتفتح الجيل الناشئ الغض على منظر هذا الداء، فيألفه ويتصوره أمرا عاديا ليس فيه من عوج ولا أمت. وقد تلقي عليهم في بعض الدروس أشياء عن الحقوق والواجبات والعدالة والمساواة وما إلى ذلك، فيأخذونه على أنه كلام ينفع في الامتحان أما الحياة الواقعة فقد رأوا فيها بأعينهم (تطبيقات) على غير ذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>