هي الوثبة الأخيرة التي وصل غليها قلم القصاص الكبير الأستاذ نجيب محفوظ صورة صادقة حية جياشة بالحياة عن الفترة التي تمر بها مصر اليوم. . . أخذ نجيب فيها أشخاصه من الطبقة المتوسطة فهي عائلة كان عائلها موظفاً يعيش بالنسبة إلى الحي الذي يقطن به عيشة رضية لا يقلقها المال كل القلق
وتقوم الرواية بعد موت هذا العائل فأسرته بعده في حيرة كبيرة لا يدرون كيف يواجهون الحياة ولا مال لديهم ولا سند لهم وإفرادهم كثر والحال ضنك. كبير العائلة (حسن) شاب لم ينل من التعليم إلا حظ المقل الذي لا يغنى، وأخواه الصغيران طالبان ما زالا في تعليمهما الثانوي، وأخته بنية ليس لها في الدنيا عن قبحها إلا قول أبيها - رحمه الله - إنها خفيفة الظل. . ولا يبقى بعد ذلك إلا الأم وهي كل شيء. . سيدة حازمة قوية أدركت الموقف وواجهته فلم تنظر إلى ابنها الأكبر إلا نظرة الإشفاق عليه والخزي من نفسها أنها لم تستطع أن تقوم على تربيته قياماً صالحاً، ولكنها لا تفوت هذه النظرة المشفقة الآسفة دون أن تفيد منها عبرة صالحة تنفعها وهي تخطو بوالديها الآخرين إلى طريق الحياة، وهكذا نجد الأم لا تترك شيئاَ دون أن تفيد من. فابتنها تجيد الحياكة وكانت تقوم بها ترويحاً عن النفس فلتقم بها حرفة تكسب منا المال، وولداها يأنفان أن يملأ بطونهما من طعام الغداء في المدرسة فهي تحتم عليهما أن يكتظا من طعام المدرسة فالعشاء قد ألغى نم البيت. وهكذا أخذت تدبر الأمور في تصميم قاطع واثقة أن جلدها لن يتخلى عنها
وسار الأولاد كل في طريقه الملتوي أو السوي. فحسن لا يريد أن يحصل على عمل إلا إذا كان موافقا لمزاجه. . . ومزاجه أرعن عربيد فهو يطوف بالأعمال الهزيلة الواحد بعد الآخ، وتتطوف به البطالة فيلذها حتى ينتهي به المطاف إلى حامي مقهى (بدرب طياب) في أقذر وباءات القاهرة، ولا يكتفي بهذا الكسب بل هو يعمل في تجارة مخدرات ضيقة