بمسرحيته أثر منه فإنه يضعف وقع الحوادث في نفس القارئ أو المشاهد، ويقلل من أثرها عنده، ويجعلها كالعادة المكررة، ويخليها من الجدة التي تخلب لب المشاهد أو القارئ وتجذب انتباهه
٣ - وفي المسرحية بعض أخطاء لغوية قد لا يؤاخذ عليها المؤلفون المسرحيون، ولكن من كان مثل الأستاذ باكثير حفياً بلغته، قادراً على سلامتها، فإنه يكون منا موضع المؤاخذة! ولست كذلك محصيها ولكني مشير إلى بعضها، فلا يقول - مثلاً - (ص٦١)(لشد ما كانتا تتلهفان على أنبائك وتترقبان يوم قدومك) واستعمال الفعل (تلهف) بهذا المعنى خطأ مشهور وصواب استعماله للحزن والتحسر، تقول (لهف على الشيء وتلهف عليه) أي حزن وتحسر. وهو يقول (ص٩٠) على لسان (آسية) حيث تقبل على صياح (أسامة) فتسأله (مالك تبكي يا حبيبي؟ هل أحد ضربك؟) والأولى أن تقول (هل ضربك أحد؟) فإن الاستفهام هنا عن سبب البكاء أي عن. ويقول (ص٩٦) على (آسية) مخاطبة (كوثر) عندما استنكرت مجيء (ميمونة) في وقت الطعام. . (هل نسيت أن أهلك لا يؤخرون الغداء مثلنا إلى قرب العصر) واستعمال كلمة (الغداء) في معنى طعام الظهر خطأ مشهور كذلك فإن (الغداء) طعام الغدة التي تكون في الصباح، وعلى هذا المعنى جرى قول الله عز وجل (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً)، وهناك بعض الهنات الهينات الأخرى نتجاوز عنها لأننا لم نبلغ الحضر وإنما ابتغينا المثال!
وبعد: فلا يذهبن أحد إلى هذه المآخذ اليسيرة التي أخذناها على صديقنا تغض منه، أو تنال من مكانتهن أو تزحزحه عن مركزه في الصف الأول بين مؤلفينا
فلا والله ما هو عندنا إلا في الصابرين المجاهدين من المؤلفين، وما هو في رأينا إلا من أولى العزم نرقب منهم الخير الكثير
وما كلامنا هذا إلا تحية لجهوده الكثيرة المشكورة، وتنويه بأثره من آثاره الضخمة ما تحسبها تحتاج إلى تنويه