للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عرض واحد]

للأستاذ عباس محمود العقاد

كان خلاصة ما قلناه في مقالنا السابق عن المرأة والفنون أن نصيب المرأة من الفنون محدود لا يرتقي بها إلى مراتب النبوغ العليا بين الشعراء والمصورين والموسيقيين، وختمناه بقولنا: (إن استحضار هذه الحقيقة لازم جد اللزوم في عصرنا هذا، لأننا نسمع المذاهب الاجتماعية حولنا تمارى على حساب أهوائها ومراميها في تقديم الجنسين بين قائل بالتشابه الكامل وقائل بالفوارق والمزايا التي يقتضيها توزيع العمل واطراد الخلق في طريق التخصيص والامتياز. ورأينا نحن أميل إلى هذا المذهب القائل بالفوارق والمزايا، لأنه الحق الواضح أمامنا، ولأنه العدة التي ندرع بها أذهاننا للقاء فوضى المذاهب التي فيها الضير أكبر الضير على المجتمع الإنساني وخلائق الإنسان)

أما المذهب القائل بالتشابه الكامل بين الرجال والنساء فهو مذهب الشيوعية، وهو ينزع هذا المنزع في تقديم الجنسين لأن فلسفة كارل ماركس تقتضيه ولا تستقيم بعضها مع بعض إلا إذا فرضنا أن الجنسين متماثلان متشابهان في الواجبات والحقوق. وآفة كارل ماركس وأتباعه أنهم يريدون أن تتحول الحقائق ليصبح مذهبهم صحيحاً قابلاً للتنفيذ، ولا يريدون أن يتحولوا هم في آرائهم وفروضهم وتقديراتهم لتصبح الحقيقة هي الحقيقة بمعزل عن المذاهب والفلسفات

فالعائلة عندهم هي أساس الاستغلال

وقيام المرأة بشؤون البيت هو أساس العائلة

والتفرقة بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق إنما تنشأ من قيام المرأة بشؤون البيت وانصراف الرجل وحده إلى الأعمال الخارجية

لهذا يجب أن تكون المرأة مساوية للرجل، وألا يكون بينهما فارق في كفاءة من الكفاءات، لأنهم مضطرون إلى هذا القول في طريق إلغاء العائلة

فلتكن الحقيقة إذن هكذا لأنهم هكذا يريدونها، لا لأن قوانين الخلق والتكوين منذ وجدت الذكور والإناث في الحياة الحيوانية والنباتية تشهد بالتفرقة بين الجنسين، وتشهد بأن الحياة ماضية في طريق تقسيم العمل والاختصاص ولا تمضي في طريق التشابه وإلغاء الفروق

<<  <  ج:
ص:  >  >>