أثار الصديق الأستاذ عباس خضر - في تعليقه على كلمة للأستاذ توفيق الحكيم - موضوع اختيار الجامعة المصرية (ونعني جامعتي فؤاد وفاروق) لأساتذتها، فقال إن الجامعة لا تزال تقصر أمرها على أساتذتنا (ولست أدري هل فكرت في الارتفاع بأعلام الأساتذة غير الرسميين أو لم تخطر لها هذه الفكرة بعد؟ والواقع أن هؤلاء الأعلام اساتذة في جامعة ليس لها مكان محدود ولا نظام موضوع).
وللتفكهة أذكر أن معهد التحرير والترجمة والصحافة في جامعة فؤاد فكر من بضع سنين في الأستعانة ببعض كبار الصحفيين المصريين للاشتراك في موسم محاضرات معهدية فيلقى كل منهم محاضرة عن اختباراته وتجاريبه في الصحافة العملية ليكون للطلاب إلى جانب دراستهم النظرية إلمام عملي بالمهنة التي تهيئهم الجامعة لها بعد التخرج.
وأعدت قائمة بأسماء الأعلام من الصحفيين فذكرت فيها أسماء الأساتذة: مريم ثابت بك، وعباس محمود العقاد، وفؤاد صروف، وطائفة أخرى. فأعترض المسؤولون في المعهد على هاته الأسماء الثلاثة قائلين: إن أصحابها لا يحملون مؤهلات جامعية، ولا تقرن أسماؤهم بألقاب مما تسبغه الجامعة على طلابها. وقد أستبعد هؤلاء الثلاثة فعلاً، ولم يدعوا للاشتراك في هذا البرنامج الموسمي!
وبعد ذلك، هل للمرء أن يسأل: كم من الصحفيين اللامعين الناجحين اخرجهم هذا المعهد الذي اقتصرت تبعة التدريس فيه على الأساتذة الجامعيين.
وبهذه المناسبة أذكر أن جامعة أمريكية سمعت أن صياداً بارعاً قريب من دارها، وأنه تضلع في صيد الحيوان البري والحيوان المفترس، حتى سجل في هذا المضمار أرقاماً قياسية غير مسبوقة. فما كان من إدارة الجامعة إلا أن تعاقدت مع هذا الصائد الأمي ليلقى على طلاب علم الحيوان سلسلة من المحاضرات بلغة مفككة متخاذلة وركيكة يبسط عليهم فيها عادات الحيوان ومغامراته في صيده ومقابلات بين القوى البدنية لكل من هذه الكائنات الحية؛ ولم تجد الجامعة ولا مجلس إدارتها ولا أساتذتها في هذا التصرف عيباً ينتقص من قدرها، وإنما عدته سبقاً وكسباً لم يتح مثلهما لجامعة أخرى.