كثيراً ما يكون أن تؤدي الحوادث إلى أمور جسام، ما من أحد إلا رأى ثمرة تسقط عن شجرة فلم يبال. ولكن السير اسحق نيوتن رأى يوم تفاحة تسقط من شجرتها فتنبه إلى سبب سقوطها. وكان من جراء تفكيره فيه أنه اكتشف ناموس الجاذبية واستنبط (حساب التفاضل والتمام) الذي يعد في قمة العلوم الرياضية
والحب غريزة في الأحياء حتى في الجماد. وكل إنسان يحب ويعشق. على أن الآدميين متفاوتون في سورة الحب. وجميل بثنية لا يعد نادرة الزمان في العشق والغرام. فمثله كثيرون: كقيس ليلى وقيس لبنى وكثير عزة ومثالهم ممن كناهم الناس بأسماء معشوقاتهم أو لم يكنوهم. ولكنهم اشتهروا بشغفهم وافتتانهم وغرامهم المضني
والأستاذ عباس العقاد اتخذ عشق جميل بثينة (تفاحة نيوتونية) لكي يتوسل به إلى أبحاث سيكولوجية وأخلاقية واجتماعية في الحب والعشق. فأوغل في صميم هذه الأبحاث في كتابه جميل بثينة حتى استخرج منها نواميس الحب العليا كما استخرج نيوتن من سقوط (تفاحة) ناموس الجاذبية الكونية). ولا بدع فكلا الحب والجاذبية نبضة واحدة في الطبيعة وعند التحقيق تجد أن لهما ناموساً واحداً
إنما جاذبية الكون حبٌّ ... وكذا الحب في الورى جاذبية
وعندي أن أقوى ما يسترعى الأذهان في مباحث العقاد إصابته موضوع (الهوى العذري). وهو بالحقيقة موضوع سيكولوجي ليس بالهين الخوض فيه والغوص إلى قرار بحره؛ لأن: الهوى العذري ظاهرة نفسية إنسانية تناقض سنة الغريزة النسلية في خط مستقيم. وفي الطبيعة البشرية الآن كثير من الظاهرات الأخلاقية التي تناقض الغرائز الطبيعية في الأحياء حتى العليا منها. وأظهرها سنة التنازع، (تنازع البقاء وبقاء الأنسب). تقوم تجاهها في العالم الاجتماعي (سنة التعاون والتضامن) فهذه طبيعة اجتماعية أخلاقية تناقض على خط مستقيم سنة تنازع البقاء البيولوجية
والمسألة التي هي موضوع التحليل والتعليل في الناحيتين هي: إلى أي حد يند الهوى العذري عن الحب الطبيعي الغريزي. ففي فصل عشق جميل وبثنية بحث مستفيض في