في أواخر هذا الشهر يخرج الأستاذ محمد بدران ناظر مدرسة بنبا قادن الابتدائية ترجمة عربية لكتاب (إبراهيم) تأليف القاضي بيير كربتيس بتصريح خاص من شركة روتلدج الإنجليزية، والكتاب مثال من الدقة والأمانة في الترجمة. وإليك فصلا من فصوله ننشره بمناسبة تتويج الفاروق أعز الله ملكه.
لما علم محمد علي بأن الجيش التركي يستعد للزحف على بلاد الشام
ويحرض أهلها على الثورة أمر وزير حربيته أن يلحق بإبراهيم رغم
معارضة قناصل الدول
وأسرع وزير الحربية إلى مقر القيادة العليا لجيش إبراهيم. وكان الطريق أمامه طويلاً، ولا يستطيع هو السير فيه مسرعاً كما يسير الرسول. ولذلك سبقه مبعوث خاص يحمل إلى إبراهيم أوامر أبيه. ولم نستطع الاطلاع على نص هذه الأوامر، ولكن في مقدورنا أن نتكهن بمعناها لأن إبراهيم قد خول منذ يونيه سنة ١٨٣٩ الحق المطلق في أن يفعل كل ما يراه صالحاً. فيبدأ الحرب أو يحافظ على السلم حسبما تمليه عليه الظروف
ولما ترك محمد علي لإبراهيم أن يتصرف في الأمر بحكمته وحسن تدبيره، كان يعرف أنه لن يهاجم العدو إلا إذا اضطر إلى ذلك اضطرارا، على الرغم من أن تركيا ومصر كانتا في حالة حرب فعلية في البر والبحر منذ شهر مارس من عام ١٨٣٩، كما أنبأ القنصل الإغريقي العام بالقاهرة حكومته في ٢٦ من ذلك الشهر. ولطالما استفز الأتراك إبراهيم بموقفهم العدائي؛ ولولا قدرته على كبح جماح نفسه لتكشف ستار السلم عن حقيقة الحرب العلنية. وقد كتب في ذلك القنصل اليوناني العام في الإسكندرية إلى وزارة خارجيته بتاريخ ١٨ يونية يقول:
(تدل الأنباء الواردة من المنطقة التي يعسكر فيها الجيشان في الوقت الحاضر على أن جيوش السلطان تواصل الزحف، وتشجع أهل البلاد على الثورة بتقديم الأسلحة وبذل الوعود لهم. وقد تقدم (سليمان باشا والي مرعش) في جيش مكون من نحو ثمانمائة فارس،