بدأ الأمل في الإصلاح يعاود نفوس الغير منذ أن تولى مشيخة الأزهر أستاذنا الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم، وغمرت القلوب فرحة هذا النبأ لأنه قرب بعيد الآمال لمن طال بهم الانتظار. وإني حين أهنئ فضيلته بهذا المنصب الجليل أضرع إلى الله تعالى أن يعينه على النهوض بأعبائه الجسام. وأن يحقق على يديه الغاية الإسلامية الكبرى التي طالما انتظره الناس لها. وإن له من غزير علمه وتجارب سنه وحصيف رأيه وبعد نظره ومرونته التي رفعته عن مستوى الخامدين الرجعيين ما يتهيأ له به أن يمسك الدين الإسلامي عن التخلف في طريق المبادئ والإصلاح، ويدفعه للسير في طليعة مواكب الحضارة التي أقامها أصحابها على أساس يواكب روح التطور، ويعرض الإسلام على الناس نقياً طاهراً خالياً من كل شائبة ألحقها به سوء الفهم لمبادئه السامية وجمود القائمين عليه عند نصوصه التي عاصرت ميلاده، فاتهم الدين الإسلامي بالجمود والرجعية، وعدم صلاحيته لأن يطب لأدواء الحياة المعاصرة. وعلم الله أن دينه براء من ذلك وأن علاجه للمشاكل التي تورطت فيها البشرية هو السبيل الوحيد الذي ينقذ الإنسانية من متاهات الحيرة والضلال ويفضي بها إلى حياة السعادة والكمال؛ وقد شهد له بذلك من أعدائه رجال الفكر والإصلاح الذين يعصمهم الاعتدال والاتزان عن الاستجابة للأهواء والأغراض.
إن أعلى تراث ورثناه عن الآباء والأجداد قد وكل أمره إليك الآن يا سيدي وجعلك الله عليه قائماً، وإن أنبل عمل يرضى به الله عنك ويخلدك به التاريخ وترفع به شأن المسلمين، أن تنفض عن جمال الدين الإسلامي الغبار الذي أثارته الجهالة بتعاليمه، وأن تفك عنه العقل التي قيدته طويلا عن النهوض، وأن تبلغه للعالمين على الصورة الجميلة الرائعة التي صنعة الله عليها، فإن ما لحق به في عصور التخلف من إبداع وتزمت شوه تعاليمه ومسخ جماله وأخفى روائعه حتى عن بنيه، فلا عجب أن رأينا فيهم هذه الروح المعنوية الذابلة، فتطلعوا إلى كل مستحدث غربي، وأخذوا منه ما يخالف روح الإسلام وتقاليده، ونادي بذلك من هم أولى الناس برعايته وحياطته والسهر على إبراز محاسنه ودعوة الناس إليه. أمامك الآن يا سيدي مبهمات تنتظر التوضيح، ومشكلات تتطلب الحلول، وأوضاع يقف المرء