أنا إن أقدمت على الخوض في هذا الموضوع فلست أبشر بمبدأ جديد لم تعرفه مصر، أو افتح بابا موصدا في هذا البلد العزيز فكلنا يعرف ما تقوم به الريفية المصرية من الأعمال فهي والرجل على قدم المساواة في العمل بل قد تبذه في كثير من نواحي الحياة مما يقصر عنه باع فلاحنا وتضرب فيه الريفية بسهم عظيم، على أنني بمعالجة هذا الموضوع أريد أن أوجه النظر إلى حياة الفتاة المدنية فاستعرض بعض نظمها وأتتبع بعض أدوائها علني أوفق إلى إيصال صوتي إليها.
وفي نطاق هذه الكلمة أخرج من دائرتي بنات الطبقة الفقيرة المعدمة فهؤلاء غير ملومات ولا يمكن أن ينسب إليهن أو إلى أوليائهن أي تقصير فهن بحكم ظروفهن قد هدتهن الطبيعة إلى استنباط وسائل العيش فكن اقدر من غيرهن على خوض غمار الحياة على رغم ما بهن من فاقة وما يحيط بهن من إملاق، ولكنما أنظر إلى فتاة الطبقة الوسطى وفتاة الطبقة الغنية لأرى هل نظرت إحداهما إلى الحياة نظرة عملية تتفق وعصرنا الحديث؟
قد ينكر البعض علي هذا التساؤل ولكني أريد أن أصل إلى الحقيقة لا يشوبها ملق ولا يموهها خداع، أريد أن أنظر إلى أخواتي وأترابي بعين الحقيقة والواقع.
حقا أن البعض متعلمات والبعض مقبلات على التعليم ولكني أرى الكثيرات لا يأخذن الحياة بعلمهن فيمهدنها لمستقبل عملي مجيد. أرى الكثيرات وقد قنعن بقشور التعليم دون اللباب وقبعن في عقر دارهن مكتفيات ببضع كلمات جوفاء يتشدقن بها خلال التفنن في التبرج وقضاء الساعات أمام المرآة.
الحق أن مثل هذه النتيجة لا تساوي عناء الدرس وليس فيها لهذا البلد غناء.
هلا كان منهن من نظرن إلى أنفسهن والى وطنهن وجعلن من حياتهن متسعا لخدمة الاثنين! ماذا يفيد الأمة وآنساتها متأنقات جميلات ولكن على حساب الرجل التعس الذي يعولهن؟ ماذا يفيد الأمة وآنساتها مستهلكات غير منتجات منفقات ثروات الرجال في المخازن الأجنبية لقاء ثوب أنيق أعجبهن وأداة زينة استغوتهن؟ أريد أن تستثمر الفتاة العلم الذي تعلمت. أريد أن تشعر الرجل أنها لم تعد ذلك الحيوان المدلل الذي يعيش على حسابه ولمتعته. أريد أن تقاسم الفتاة الرجل في العمل والكسب والتمتع بالحياة. أريد فتاة مصرية عاملة تعمل وتزاحم في الحياة بالمنكبين تستشعر لذة العمل وتنهض بمصرنا العزيزة وتربأ