تقع واحة سيوة في صحراء مصر الغربية على الحدود ما بين مصر وطرابلس على مسافة مائتي ميل جنوبي السلوم وأربعمائة ميل غربي وادي النيل.
ويمكن القول أنها الواحة الشمالية من سلسة واحات تتبع إحداها الأخرى من الجنوب إلى الشمال في صحراء (ليبيا) وكان الأقدمون يسمون هذه الواحات (بالأراضي المقدسة) لأنهم كانوا يعتقدون أن الآلهة منحت هذه البقاع ماء وسط تلك الصحراوات القاحلة، ولأن هذه الواحات قد حمتها الطبيعة بأن أحاطت كل واحة منها بسلسة من جبال كلسية تمنع عنها الرمال الدقيقة التي تحملها معها الرياح، إذ لولا هذه الجبال لغطتها كثبان الرمال وجعلتها في عالم النسيان، كذلك عيون الماء المتفجرة في هذه الواحات سببت الحياة والرخاء وسط ذلك المحيط القاحل غرب وادي النيل.
تتكون سيوة من عدة واحات صغيرة متجاورة تقع في منخفض من الأرض يبلغ طوله حوالي ثلاثين ميلا وعرضه ستة أميال تقريبا، وينخفض عن سطح البحر حوالي عشرين متراً تكتنفها صحراء جرداء محرقة لا تسقط فيها الأمطار
ولقد زارها الاسكندر الأكبر حينما غزا مصر وتبرك بزيارة معبد (جوبيتر آمون) إرضاء للكهنة المصريين ورغبة منه في إظهار احترامه لدينهم
يبلغ عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة، وهم سلالة أقوام قديمة من البرابرة، ولا يشبهون أعراب الصحراء في شيء. ولهم لغة خاصة بلهجة ولكنة غريبتين، ولعلها لغة أجدادهم البرابرة القدماء، والغريب في أمرهم أنهم يتكلمون بتلك اللغة، ولكنهم لا يتكاتبون بها، بل إنهم يتكاتبون باللغة العربية، ولا شك في أن بقاء هذه اللغة البربرية راجع إلى بعد الواحة عن العمران، وصعوبة المواصلات بينهما وبين الأجزاء الأخرى من القطر فقل اختلاط السكان بالمصريين والأعراب، بل إن أهالي سيوة لهم عادات خاصة، وطباع تخالف في جوهرها طباع وسكان وادي النيل
ليس لهذه الواحة تاريخ معروف، بل إن ماضيها مظلم، وليس من سبيل لإلقاء أشعة من النور لمعرفته إلا إذا قامت بعثات علمية بالحفر في جبالها وآثارها والتنقيب في معابدها وخرائبها حتى يمكن أن يرفع ذلك الستار الكثيف عن تلك المدنية البائدة الغربية
والطريق الأكثر استعمالا للوصول إلى سيوة هو من مرسى مطروح والسلوم، ويمكن