(تسمعون السنة كلها حديث الدنيا فاسمعوا اليوم حديث الدين)
الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله ورحمة الله وبركاته هذا يوم تشرفت في مثله الأرض بمولدك، واستضاءت بنورك، قد جعلناه بعدك عيداً - واشهد ما شرعت لنا إلا (العيدين) - فنصبنا الأعلام، و (اذعنا) الانغام، واجتمعنا على الخطب والكلام ن والشراب والطعام، فالطرقات مزدحمة بالسرادقات، والمساجد والمقابر ملأى بالزائرين والزائرات، والصحف والمجلات، فياضة بالفصول والمقالات، وفي كل مكان مظاهر الأفراح والمسرات: في الشوارع والساحات، والأزقة والحارات. . .
فعلنا ذلك حباً بك، وابتهاجاً بمولدك، ثم ابناً إلى مساكننا فهجعنا هادئة ضمائرنا، هانئة سرائرنا، إذ قد وفينا لهذه الذكرى، التي لم يمر على ذهن التاريخ الإنساني اعظم منها أثراً، ولا أعلى قدراً، ولا أبقى ذكراً. . .
أما اتباع دينك، والاهتداء، والوقوف عند أمرك ونهيك، فلم نفكر فيه ولم ندخله في (برنامج الاحتفال)!
فهل يعجبك يا رسول الله ما فعلنا؟ هل يرضى به ربك عنا؟
لقد بعثت بـ (لا اله إلا الله). دعوت العرب إليها فأبوها، فأمرت أن تقاتلهم حتى يقولوها، وخيرتهم بين السيف وبينها فاختاروا السيف عليها، واثروا أن يهلكوا عن أن ينطقوا بها، استصعبوها لأنهم عرفوا معناها، فعلموا أنها ليست كلمة تقال بطرف اللسان، ولكنها دستور للحياة كلها، وصرف لها عن وجهتها وتبديل لكل صغيرة أو كبيرة فيها.
لا اله إلا الله: لا ينفع ولا يضر إلا الله، فلا تخش في الحق غيره ولا تذل في الرجاء لسواه.
لا اله إلا الله: هو القادر فلا تخف أحداً إن كنت معه، هو البصير فلا تستتر بذنبك منه، هو الرحمن فلا تيأس من رحمته، هو الجبار فلا تأمن غضبه، هم معك حيثما كنت يراك أبداً