كان الغربيون قبل ترجمة القرآن يتحاملون على محمد والإسلام؛ ولا غرابة في هذا التحامل على الرجل ومذهبه. فمن جهل شيئاً عاداه
ففي غمرة البغيض كتب العالم المشهود له بسعة الأفق والتمرس بالعلوم والرياضيات والآداب - (بسكال) - فيما خلف لنا من خواطره وبتناقض يفضح هذا التعصب والخلو من الروح العلمي - يقول: إن محمداً لم يكن أحد يظاهره؛ ومن ثم وجب أن تكون حجته من القوة بحيث تستند إلى محض قوتها
ولا يلبث أن يذهب - على أثر ذلك - إلى التمييز بين القدرة على الغموض والإبهام، والقدرة على الإثبات بسخف القول، آخذاً ما لم يفهم من القرآن على المحمل الأول، ناظراً إلى ما وصل إلى علمه القليل منه على المحمل الثاني - متمنياً لهذا الأخير لو أنه كان من النوع الأول حتى لا يكون في هزؤ الثاني وسخريته - فيما يرى! فما دام القرآن قد قال إن متي رجل طيب، فمحمد نبي زائف، لأنه يقول عن الأشرار إنهم أخيار، ولا ينظر إليهم من حيث ما قالوا وما آمنوا بالمسيح!
إن كل رجل يستطيع أن يفعل ما فعل محمد؛ لأنه - في نظر باسكال - لم يأت بمعجزة، ولم يوح إليه؛ ولا أتى ببعض ما جاء به المسيح. محمد قام على التقتيل - تقتيل أعدائه؛ أما المسيح فبقتل أصحابه محمد بالأمية وتحريم القراءة؛ أما المسيح فبالتعليم والقراءة. ولئن كان محمد قد سلك طريق النجاح كانسان، معنى ذلك فليس أن المسيح كان يستطيع أن يكون أكثر نجاحاً لو سار على الدرب فحسب؛ بل إن المسيحية كان يجب إن تهلك لو لم تكون مؤيدة بعون سماوي!
وإذا كان هذا بعض ما يذهب إليه رجال العلم الأحرار من الشطط في النظر إلى محمد والإسلام - فيحكمون على القران بأنه معان صبيانية في الرب سماوي وهم لن يفهموا الأسلوب. وقد يفهمون المعاني لأنها في معظمها واردة في كتبهم. . نقول: إذا كان هذا بعض ما يذهبون إليه وهم علماء مهمتهم الدرس والتمحيص والوحيدة والبرء من الغرض