مسرحية ألفها الكاتب الكبير (محمود تيمور بك) زكي طليمات، ومثلتها الفرقة المصرية. وقد استطاعت هذه المسرحية أن تفرض نفسها على الجماهير - خاصتهم وعامتهم - أياماً وأياماً. وكانت طيالها حديث المشاهد العادي وشغل الأديب والناقد. فهل أتيح لها ذلك كله اعتباطاً وعفو المصادفة، أم تهيأ لها ذلك بما أودعته من خصائص فنية هي وحدها الحكم فيما يكتب له الخلود من ثمرات القرائح. وما يكون نصيبه الموت ساعة ميلاده. ذلك ما سنحاول تبيين أمره في نقدنا للمسرحية.
وقبل الدخول في صميم النقد نحب ن ننبه إلى أمور لها دلالتاه التي يجب ألا تفوت المعنيين بشئون الفن في مصر، وبخاصة الفن المسرحي.
أولاها أن هذه المسرحية كتبت بلغة عربية فصيحة. وكان من الأراجيف الشائعة في الأوساط الفنية، أن لغتنا الفصحى لا تجد استجابة من الجماهير، فضلاً عن أنها تعوق المؤلف عن النفوذ إلى غوار شخصياته مستجلياً خفاياها معبراً عن خلجاتها فكانت استجابة الجمهور لمسرحية (حواء خالدة) شاهداً صادقاً على كذب ما يرجف به القاصدون. فليس باللغة قصور ولا بالجماهير عقم، ولم يعد من الصائغ مد يد الملاينة إلى العامية المبتذلة جرياً وراء ادعاء ثبت بطلانه.
وثانيتها أن المسرحية، من المسرحيات ذات الموضوع، وقد عولجت بطرية علمية، فلم يعمد فيها المؤلف إلى إثارة عواطف الجماهير بالحوادث والمفاجآت والمشوقات المقتسرة. ولكنه استخدم الحوار للتعبير عن الحادث ومغزاه وسببه في آن معاً، فساوق بين العقل والعاطفة في كشفه عما يختلج في طوايا النفوس وما يستتر في أعماقها. وتلك طرفة جديدة في فن المسرحية المصرية، تبعد بها عن (بهلوانيات) الحوادث المفتعلة والاعتماد في