لا يعرف أحد كيف استباح الأستاذ احمد أمين ما استباح فصنع بنفسه ما صنع!
وهل كان في مقدور ناقد مهما اعتسف إن يسيء إلى الأستاذ احمد أمين بمثل ما أساء إلى نفسه بلا ترفق ولا استبقاء؟
كنت أدعو الأستاذ احمد أمين إلى رعاية ماضيه فأصبحت ادعوه إلى رعاية مستقبله، فإني أخشى أن تضيع الثقة بكفايته العلمية فيصبح معدوم النصير والمعين، وهو لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بمعونة الأصحاب والأصدقاء، والمرء بنفسه قليل
أقول هذا وقد كشف الأستاذ احمد أمين عن دفائنه المطوية فصرح بأنه يحتقر العقلية العربية في عهد الجاهلية ليتخذ من هذا الاحتقار وسيلة لتأييد دعواه في جناية الأدب الجاهلي على الأدب العربي
والجاهليون قوم كانت لهم حسنات وهنوات، وكلمة الحق فيهم لا تؤذي أحداً من الناس، وقد قال فيهم القرآن ما قال فلم يتأذ أحد من إخلافهم، لأنه لم يقل فيهم غير الحق
أما التحامل على عرب الجاهلية، وتجسيم مساويهم وتضخيم عيوبهم، والتشهير بوثنيتهم، والقول بأنها كانت وثنية أرضية وضيعة - كما يعبر أحمد أمين - فذلك إثم منكر يراد به تحقير الأرومة العربية وتسوئ سمعتها في التاريخ، وذلك لا يقع إلا من رجل يمشي في الوعر من عقوق الأباء والأجداد
نحن لا ننكر أن العرب القدماء كان فيهم وثنيون، فقد كان الحال كذلك عند قدماء المصريين والفرس والروم والهنود، وإنما ننكر أن تكون وثنية العرب وصلت إلى الانحطاط الذي تصوره احمد أمين حين ارتضى السخف الذي تنطق به العبارة الآتية منسوبة إلى أحد الأعراب:
(كنا نعبد الحجر في الجاهلية، فإذا وجدنا حجراً أحسن منه نلقي ذلك ونأخذه، فإذا لم نجد حجراً جمعنا حفنة من تراب، ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه، ثم طفنا به)
كذلك روى أحمد أمين، وهو في غاية من الطمأنينة عن بعض الكتب القديمة ليؤكد لقرائه