وتصديق هذه الأخبار شاهد جديد على العقلية العامية التي يعيش بها بعض الناس، فليس من الصحيح أن العرب كانوا يعبدون الشاة البيضاء فإذا أكلها الذئب أخذوا شاة أخرى فعبدوها، كما حدث الفقيه الذي نقل عنه أحمد أمين
أيها القراء أسمعوا، وعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا
أيها القراء أسمعوا تاريخ الوثنية الجاهلية، اسمعوها مني لا من أحمد أمين
كان في العرب وثنيون، بشهادة القرآن، ولكن أحمد أمين نسى حقيقة تاريخه ما كان ينبغي أن تغيب عن رجل يتصدر لتأريخ الحياة العربية. نسى هذا الرجل أن عصر النبوة شهد معركة عنيفة بين الوثنية والتوحيد، وفي تلك المعركة جاز لرجال الدين أن يلطخوا تاريخ الوثنية بالسواد ليندحر الوثنيون ولتنشرح صدور المؤمنين. فكل ما تقرءونه في الكتب التاريخية والدينية من وصف عرب الجاهلية بالغفلة والحمق، والطيش والخبال، وسوء الفهم، وبشاعة التصور، وخمود العقل، وبلادة الإحساس، كل أولئك الصفات الدميمة وضعت لغرض خاص هو تحقير الوثنية الجاهلية لتقوم على أنقاضها العقيدة الصحيحة عقيدة التوحيد
وكان من حق رجال الدين أن يصنعوا في تشويه الوثنية الجاهلية ما يشاءون، لأنهم كانوا يرونها زيغاً في زيغ وضلالاً في ضلال
أما أحمد أمين فلا يملك هذا الحق، لأن الإسلام قد استغنى نهائيا عن حرب الوثنية الجاهلية بالنصر المؤزر الذي ظفرت به عقيدة التوحيد
والموقف اليوم قد تغير بلا جدال، فهو ليس موقف الموازنة بين الجاهلية والإسلام حتى يستبيح ما يستبيح من تحقير الجاهليين، وإنما هو موقف المفاضلة بين الوثنية العربية والوثنية اليونانية، وهو موقف لا نخترعه أختراعاً، فقد صرح به الرجل الذي هداه فكره إلى القول بأن وثنية العرب كانت أرضية وضيعة وأن وثنية اليونان كانت سماوية رفيعة!
إن أحمد أمين يقول بأن الوثنية العربية وثنيه أرضية وضيعة، على حد تعبيره المهذب الجميل!
فهل يستطيع أن يقول من أين عرف أن وثنية العرب كانت أرضية وضيعة؟