للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحقائق العليا في الحياة]

الإيمان. الحق. الجمال. الخير. القوة. الحب

(ألفاظ إذا نطقتها تتحرك لها في نفسي دنيا كاملة!)

للأستاذ عبد المنعم خلاف

٣ - الإيمان

الإيمان والفلسفة:

قالت عقلية القرن التاسع عشر المزهوة بالكشوف العلمية والناقمة على قضايا بعض الأديان وقيودها وخرافاتها التي تراكمت عليها بتوالي العصور: إن العلم والإيمان لا يجتمعان. وقد سارت في تفسير كل شيء خارج عن حدود المادة والمخابير والمعامل، بتأويل مادي وآلي، وطغت الفلسفة المادية على الفلسفات التجريدية، وأفرغت الطبيعة من (الإرادة، والعقل) وجعلتها رهينة بالصدفة وأعطت للزمن حكم التصفية والتوجيه، وأعطت القوى العمياء قوة الاختيار حتى قالت (إن الوظيفة تخلق العضو!)

وكفرت بحقيقة (السببية) والارتباط بينها وبين (المسببية). . . إلى آخر ما زخرت به كتب هذه الفلسفات مما يصل في بعض الأحيان إلى درجة الهذيان.

وقد كان يجوز أن نقبل هذه الفلسفات التي تسند إلى القوى العمياء بعض (الفاعلية) لو أنها جعلت وراء هذه القوى إرادة واحدة منظمة مختارة موجهة. ولكنا لا نقبل بحال أن تكون هذه القوى فاعلة بذاتها مستقلة عن ذلك النظام العام الموضوع بتدبير محكم، وإلا رجعنا بعقولنا إلى درجة أشبه بطور الوثنيات القديمة التي كانت تعبد بعض القوى قصوراً من عقولها عن إدراك قوة كلية عامة تدبرها جميعها)

وإن أول سؤال يرد على عقل متوسط هو: ما هو العامل الموفق بين فاعليات هذه القوى المتضادة العمياء هذا التوفيق الدائم المطرد البديع لو أن الأمر كان كما يزعمون من تسلط تلك القوى العمياء على الكون؟

والغلط الفاحش المغرور الذي لا يقبله العقل العام المتزن، أن تتخذ حياة الأرض، وهي ما هي من الصغر والضآلة، مقياساً للحكم على العالم كله فرشه وحشوه وعرشه!

<<  <  ج:
ص:  >  >>