[عذراء الهوى]
بقلم سليم الزركلي
هدأ الشاعر في خلوته ... وانثنى يقرأ أسفار الحياةِ
فتجلّى الشك في صورَتِه ... كوميض البرق بين الظلماتِ
زهرة لم تتفتح للهوى ... كالملاك الطفل في مهد الدلال
لمست وجنتها بنت الندى ... فأضاء النور مصباح الخيال
بسم النور على أجفانها ... فتجلى في معانيها الأمل
وارتمى البشر على أحضانها ... غارقاً في أغاريد القبل
قبلتها الشمس في وجنتها ... فنما في ِدفئها وَرد العفاف
وحنا البدر على طلعتها ... فحلا للعين والقلب المطاف
يا ملاك الحب في المهد ويا ... شعلة الإلهام والوحي المصون
يا ضياء النفس في النفس ويا ... غاية الحسن وتمثال الفنون
منية منيتها القلب اللهيف ... فغدا في صبره يلقى العذاب
بسمةً واحدة يهْدَ الوجيف ... وافتراراً عن ثناياك العِذاب
في حنايا النفس آمال جسام ... تتلوى كأفاعي الهاجره
أطفئِي غلتها بالابتسام ... وبإغضاء الجفون الساحره
ما لهذا الكون معمور الجناب ... وفؤادي في سراه حائر
فإذا ما مزّق الدهر الإهاب ... ماالهوى؟ ما العيش؟ جَدٌّ عاثر!
عاشق الزهر في ميعتها ... يحتسي في الكأس معسول الرُّضاب
إنه يقطف في صورتها ... بهجة الدنيا وأحلام الشباب
فإذا قبل خدّ الزهَرات ... وهي سكرى كالعيون الناعسه
سمع القلب شجيّ النغمات ... فهفا وهي تغني هامسه:
(أنت لاتبصرني بعد غدِ ... سوف يجلوني عن الغصن القدر
فتمتع من جمالي وأسدد ... ولتمثلني خيالات الفكَر
لاتُضع أيامك الغرّ سدى ... واتخذني مثلاَ تنشده