يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من
سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . . . . .
- ١٧ -
عاد المحامي يكدح من أجل قوته كدحاً شديداً، ويأخذ قسطه من النصب مع صديقه هرندن؛ وكان قد تركه وحده طيلة ذلك الصراع العنيف، فهو بذلك يخرج من جهد إلى جهد؛ والناس يعجبون من تلك القوة البدنية التي ما زال يتمتع بها قاطع الأخشاب في الغابة بالأمس وهو اليوم قد ناهز الخمسين أو كاد.
وإن به بعد عودته هذه لحاجة شديدة إلى المال فهو اليوم ذو عسرة؛ وإنه لن يطلب المال ليستعين به في الوصول إلى جاه كما يفعل دوجلاس ومن على شاكلته من الناس، بل لينفق منه فيما باتت تطلبه السياسة من أوجه الأنفاق؛ وإنه ليفطن إلى أن عودته إلى المحاماة إنما هي إلى أجل قريب، فلقد خطا في السياسة خطوة لن يكون بعدها نكوص
ولم يجعل إبراهام للمحاماة كل همه كما كان يفعل من قبل حينما كان يمني بالفشل في السياسة؛ فأن للسياسة اليوم نصيباً كبيراً من وقته ومن جهده؛ فهو يقرأ الصحف قراءة تمعن ليرى ماذا يقول الناس في مسألة العبيد، ولينظر في الأمر ليتعرف كيف يتطور وغلى أين يتجه البلاد فيه؛ وهو يدعم بنيان حزبه في ألينواس ويعدله ما استطاع من قوة يعتد بها في غد
ونظر الناس إليه اليوم نظرتهم إلى ذي جاه، ويشيرون إليه في إعجاب وإكبار، وهو يحس هذا فلا يزداد إلا دعة وليناً؛ فيدل بذلك على أن عظمته عظمة حقيقية تبدو للناس في أبسط مظهر لها فتكون بذلك في أبهى مظاهرها. . .