كان لوزير هندي مسلم ابن يتعلم في جامعة كيمبردج في إنجلترا ولم يكن يلم بتعليم الدين الإسلامي إلماماً تاماً وإن كان أبوه متضلعاً في العلوم القديمة الإسلامية والحديثة الغربية والتصوف. فانتهز المبشرون الفرصة وأرادوا تنصيره ووجهوا إليه أسئلة كثيرة ضد الإسلام كما هو ديدنهم في مثل تلك الأحوال لينالوا من منزلة الإسلام في قلبه ويقربوه إلى النصرانية. فتجاذبته الظنون وتخالجت في صدره من دينه الشكوك فوقع في حيرة وارتباك فكتب إلى أبيه يسأله ويستشيره في الأمر فرد عليه أبوه رداً أنقذ به ابنه الشاب من كيد المبشرين ومكرهم وهو رد فصيح اللهجة، قوي الحجة، ملزم المحجة، يدل على عقل أصيل ولب رصين قال: أريد أن أشرح لك لماذا اعتبر الإسلام أحسن الأديان بأسرها؛ فلاحظ أنني لم أقل إن الأديان الأخرى رديئة بل إن الإسلام أحسنها؛ وذلك لأنها لا توافق الأفكار الحديثة العلمية كما يوافقها الإسلام. فإذا قلت في وصف دين من الأديان إنه (حسن) أو (الأحسن) فأريد به المدى الذي إليه يبلغ ذلك الدين في حث الإنسان بواسطة عقائده وتعاليمه على الجد في طلب الفلاح لنفسه. كذلك إذا ذكرت هنا كلمة (علم) فأريد به العلم المرتب للأشياء المعلومة أو القابلة للعلم.
إن العلم يحسر اللثام عن الأشياء التي هي ضرورية أو مطلوبة لفلاح الإنسان والفنون عموماً تدله على الطريق الذي به يحوز تلك الأشياء أو يصنعها والحكومات تجعل أو ينبغي لها أن تجعل له التحقيقات العلمية والتقدم في الفنون يسيره المتلمس دانية القطوف. وأما الدين فينبغي أن يحرك الإنسان ويحرضه على الاستفادة من العلوم والفنون العصرية استفادة تامة. وقد يحظر ببالك أنه ما دامت الحكومة قائمة بواجبها والعلوم تترعرع والفنون تتقدم فلا حاجة هناك للدين. فأقول إنك لو أخذت حصاناً إلى النهر فهو لا يشرب منه ما لم يكن ظمآن، فإنه إن عطش يشرب من تلقاء نفسه فإن لم يعطش فلا منظر الماء الصافي، ولا سهولة الوصول إليه، ولا ترغيبك إياه، ولا ضربك بالسوط يحمله على الشرب. كذلك العلم يقدر أن يريك الماء أو أي شئ آخر مفيد، والفنون تستطيع أن تدلك على طرق حيازته، والحكومة يمكن أن تكافئك بالجوائز أو تهددك بالعقاب؛ ولكنك لا تشرب ما دمت