إن قراء الرسالة عرفوا ما انتهت إليه قضية المدرسين بالمدارس الحرة، فقد نشرت الجرائد اليومية خلاصة الخطب التي ألقاها رفعة النحاس باشا ومعالي الهلالي باشا وسعادة الدكتور طه بك حسين، ونقل المذياع تلك الخطب إلى جميع الأسماع
وأقول إن الذي يجب تسجيله هو تحقيق آمال المدرسين بالمدارس الحرة بعد أن كان تحقيقها من رابع المستحيلات، فهذا الوزير نفسه كان يستصعب حل هذه القضية، بدليل أنه لم يحلها في الوزارة الماضية، ولو لم يوفقه الله في هذه المرة لظلت تلك القضية عقدة العقد ومشكلة المشكلات إلى آخر الزمان
كان الأمل الذي أطمح إليه هو تعيين المدرسين بالمدارس الأجنبية على وظائف تذكارية، كالذي نصنع في معاملة المدرسين الذين نرسلهم إلى الأقطار العربية، وقد كتبت في تزكية هذا الاقتراح عدة تقارير، منها تقرير نشرته مجلة الرسالة منذ سنين بإمضاء مجهول
كان اقتراحي يبدو كأنه طيف الخيال، ولم أكن أصدق أنه سيتحقق، ثم كانت المعجزة الطريفة، وهي جعل المدرسين جميعاً في منزلة واحدة، بلا تفرقة بين المدارس الحرة والمدارس
وأعترف بأني أكاد أكذب ما قرأت وما سمعت، فهل من الحق أن وزارة المعارف رضيت وهي طائعة مختارة أن تجعل مدرسي المدارس الحرة في منزلة مدرسي المدارس الأميرية؟
أنا لا أصدق، فالمألوف أن تجود الحكومة بالخير بعد أن تدعى إليه ألوف المرات، ومدرسو المدارس الحرة لم الحرة لم يطلبوا يوماً مساواتهم بمدرسي المدارس الأميرية في جميع الحقوق، وإنما طلبوا حقوقاً سهلة هينة لا تزعج وزارة المعارف، هل طلبوا غير الترفق في تحديد المرتبات، وكانت من الضآلة بمكان؟
لأول مرة في تاريخ الحكومة المصرية يبذل الخير لمن لم يطلبوه، وهذه أريحية جديدة لم نعرف لها مثيلاً فيما سلف من العهود
الهلالي باشا يقول إن النحاس باشا هو صاحب الفكرة، والنحاس باشا يقول إن الهلالي هو