ودواعي الانتصار أو الهزيمة وما يتصل بالدفاع عن الدولة. . . على أن أبدع فصول هذا الجزء - ولعل ذلك في رأيي - هي هذه التي تناول فيها الأستاذ المؤلف شرح آراء ابن خلدون وتحليله للنفس الإنسانية - وهو ما أؤكد للأستاذ أنه متأثر فيه أيضاً بآراء إخوان الصفاء - ثم هذه اللمحات الفريدة عن التربية والتعليم فيما يرى ابن خلدون وما جمعه الأستاذ المؤلف من المعلومات الطريقة عن أحوال التعليم في عصره، وما كان من حرية التعليم والتدريس وأنواع المساجد، وعدم إشراف الحكومة الرسمي على التعليم إلا في حدود (الحسبة) التي وصفها ابن خلدون بأنها (وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وأن من اختصاص موظفي الحسبة (الضرب على أيدي المعلمين في المكاتب وغيرها، في الإبلاغ في ضربهم للصبيان المتعلمين!). . . وأن مهنة التعليم في عهد ابن خلدون كانت من مهن المستضعفين؟! (ولا حول ولا قوة إلا بالله يا إخواني المدرسين!)، ومذاهب كل من الأقطار الإسلامية في تعليم الولدان. . . إلى آخر ما لا يتسع المجال لذكره هنا مع طرافته وإمتاعه. . .
وبعد. . . فلا بد من كلمة عن عدم العناية بمراجعة الكتاب أثناء الطبع. ذلك الأمر الذي أذاع في جوانبه الخطأ المطبعي، ولم يسلمه من وقوع بعض التعبيرات التي انزلقت إلى انحرافات نحوية كان من الممكن تجنبها لأنها تعد من الهنات، بل من الكبائر، التي لا يصح وقوعها من كبار مؤلفينا، وزعماء مفكرينا. . . ولسنا نرى داعياً إلى ذكر شئ من هذه الانحرافات، رجاء أن تنتهي الحرب قريباً فيطبع الكتاب طبعة أنيقة تليق بما يحمل من مادة خصبة وعلم غزير. . . هذا. . . وقد ابتدع الأستاذ المؤلف اشتقاقات، ونحت نِسَباً لا نرى ضيراً في إقرارها، وإن ثقلت في السمع أول الأمر، وذلك كعضواني ونفساني، والنظرة الحياتية - أي البيولوجية، والفلسجة الاجتماعية، ومرفجة العقلاني. . الخ. . . إن لم يضع مجمعنا اللغوي كلمات أجود منها لمرادفاتها الإفرنجية.