ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر ... لو يلقى صديقا مؤاتيا
قال هذا الشعر أحد الأنصار من أهل المدينة يذكر نعمة الله عليهم مذ جعل رسوله الأمين يهجر قومه إليهم
فهو يقول أنه (ص) لبث في قومه قريش ثلاث عشرة سنة يذكرهم ويدعوهم إلى الإسلام وهم لا يزدادون إلا عتوا واستكبارا
فرأى أخيرا أن هذا العناد من قومه يحول بينه وبين حريته في نشر دعوته، وأنه إذا بقى في مكة قريبا من المشركين سهل عليهم أمر مراقبته وإسكاته وخفق دعوته، فلا تخلص إلى سائر العرب بيسر وسهولة
وإنه إذا أراد رفع الصوت بها، والنجاح في تبليغها، واجتماع كلمة العرب عليها، كان عليه أن يهجر مكة إلى مكان آخر يأمن فيه على نفسه ويكون حرا في تبليغ دعوته، وأداء رسالته
لما رأى (ص) كل هذا وجد من الحزم أن يستعين بقوة خارجية، أي بقوة من جزيرة العرب غير قومه قريش الواقفين له بالمرصاد. وساعده على الاتصال بالقوة الخارجية أن العرب يفدون كل سنة إلى موسم الحج. فاغتنم هذه الفرصة وعرض نفسه في أحد المواسم على القبائل، فكانوا يستهزئون به؛ حتى اتفق له في بعض المواسم على القبائل، فكانوا يستهزئون به؛ حتى اتفق له في بعض المواسم أن اجتمع بطائفة من أهل يثرب (وهو اسم المدينة المنورة في زمن الجاهلية) وكانوا مشركين. . يحجون إلى البيت كسائر العرب، ويشاركهم في سكنى يثرب قوم من اليهود نزلوها منذ القديم، فعرض (ص) دعوته عليهم فأصغوا إليه بحرص وانتباه. وكانوا يسمعون مكن اليهود أن الله سيرسل إلى العرب ومن العرب نبيا ينقذهم من الضلالة. فقبلوا الدعوة منه (مبدئيا)، وكانوا ستة رجال، وقالوا له إنهم لا يقدمون على قبول الإسلام ما لم يرجعوا إلى يثرب. ويراجعوا قومهم بالأمر. وكان قومهم قبيلتين: الأوس والخزرج، وهم الذين سموا فيما بعد الأنصار، وإخوانهم الذين