للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حول ١٩ يناير]

للأستاذ محمد محمود جلال

اليوم تبحر من السويس إحدى الجواري المنشئات في البحر علماً على تقدم وتسخير القوى، تقل الرهط الكريم من رجال الزراعة والاقتصاد غلى بور سودان. وكنت اعد لتلك الرحلة عدتي، حتى حالت فجأة ظروف قاهرة دون ما تعلقت به الأمنية. فاليوم ندعو الله ان يقرن التوفيق بخطاهم، ونسجل لهم هذه اليد سابقين الى الاعتراف سبقهم الى خير العمل

ولعل هذه الرحلة الموفقة باذن الله اولى الخطى، ولعلها بداية حزم ترقبه البلاد من قديم، فتلها خطوات في مختلف ميادين السعي المجدي؛ ولعلها بادرة التنبه، ولعل الله جل شانه حين قدرها شهر يناير موعداً قد اراد ان يسدل على التقصير من ستره، وان يكون في المستقبل ما ينفض عن الماضي الغبار

فلقد مر (١٩ يناير) وكأن لم يلحظه احد، فلم نر لذكراه الا سطوراً نشرت بالأهرام من هيئة واحدة، هي هيئة الحزب الوطني؛ حتى لكأنه يوم يمر كسواه، وكأنه ليس ذلك اليوم الذي امسى على غصب صارخ، وتفريق مروع، وعبث من القوة بالحق عبثاً لم يرو التاريخ له مثيلاً

وبين (بور سودان) على البحر الأحمر و (بور سعيد) على البحر الأبيض صحيفة من المجد كاد يطويها الزمان لولا كفالة التاريخ، وكوامن من الذكريات والعبر من حق الجيل الجديد علينا أن نبسها وننشرها، ومن واجب الأدب المصري أن يبذل لها أثمن بضاعته وأغلى جهوده. فلم يزل الأديب منذ القدم قواماً على الواجب والفضيلة، يتحسس مواضيعها، ويخرجها في خير الثياب واصدقها غذاء للأمم في حياتها، وإيقاظاً لهمم فيما تحاول من تصحيح وتهذيب

واذا كان الشطر الأول من الاسمين أعجمياً دخيلاً، ففي الشق الثاني من كليهما شفاء ورحمة للمؤمنين

فالمرحوم (سعيد باشا) عزيز مصر أصبح في التاريخ - وبعد أن خلقت سياسة الانجليز (حادثة وادي حلفا وتفتيش الجنود) فاضطرت الخديو عباس الثاني إلى العودة الى القاهرة - آخر من زار (الوجه السوداني) من ملوك مصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>