(ليس التحديق في لوح القدر بأسهل من التحديق في الشمس)
هنري باربوس
توفي منذ عهد قريب الأستاذ عبد المسيح وزير الذي لا يجهله قراء (الرسالة) الأفاضل، والذي كان في ربع القرن الأخير يوالي عمله بشكل متواصل لتغذية اللغة العربية بدم جديد، فأنشأ في خلال هذه المدة من عمله مفردات خاصة، وسبك تعبيرات ذات أثر فعال في الناحية العسكرية والفنية والأدبية في هذا الدور المهم من تاريخ تطور اللغة العربية الحديث، كما أضاف ثروة لا تفنى إلى المفردات التي تصاغ الآن في الحياة اليومية، وجلا عن فن الترجمة وأظهره بأحسن مظهر
مات هذا الرجل في بغداد، فكأنه ورقة سقطت في خريف! سكتة قلبية! أو ضنى أورثه طول الكد وقلة الراحة! أو غير ذلك مما يعتور حياة الأديب في بلاد الرافدين!
فماذا ترك وراءه؟
لقد ترك أهله ومعهم لا شيء!
وما أكثر أن يخلف الإنسان لا شيء!
ليست حياة الأديب في العراق ولا في غيره من البلاد العربية التي لا تفضله كثيراً في هذا المضمار بمجهولة السيرة. فإن أبخس ما يمكن أن يلقاه رجل الفكر والأدب في حياته وما يكابده رجال الأدب في بلاد الرافدين
هذه حقيقة واضحة تذكر في كل مناسبة، وأخص المناسبات لها بالذكر صوت أديب!.
والعجب في حياة العزبة التي يحياها الأديب في العراق أنها تتكرر في الأفراد بهذا الشكل من جهة وتؤكدها من الجهة الأخرى معاملة الجمهور لأولئك الأفراد في حياتهم وبعد موتهم
فقد عاش المرحوم عبد المحسن الكاظمي الذي كان أعجوبة دهره في السليقة الشعرية في مصر، منكور الحق مهملا من العراق والعراقيين، حتى مات، فعرف عندئذ حقه المهضوم