مدارس الأدب في فلسطين مدرستان. مدرسة الشيوخ ومدرسة الشباب. ولا تستطيع وإن أجهدت نفسك أن تعثر بثالثة اللهم إلا أثفية سفعاء. وهذا التقسيم قد يكون طبيعياً بل قد يكون عاما لا يمتاز به قطر ولا تستأثر به بلد؛ غير أنه في فلسطين غيره في سواها؛ فأدب الشيوخ في أكثر الأقطار مطبوع بطابع المحافظة على القديم حتى لدى المجددين منهم، وأدب الشباب كلف بالجديد حتى لدى المعتدلين من هؤلاء. وإليك مصر زعيمة الأدب العربي تكاد تخضع لهذا المبدأ بالقوة إن لم يكن بالفعل؛ فالزيات وطه حسين وهما من دعاة التجديد لا تقرأ لهما لغة ولا تمر بفكرة حتى تقرأ ما بين السطور المحافظة على التراث القديم. أما فلسطين فأدباؤها الشيوخ مشتجرون وأدباؤها الشباب منشقون، ولا تستطيع أن تلمس فرجة تتاح لك منها فرصة التوفيق، وإنه ليهون عليك أن تجد بعض الجامع بين الشيوخ والشباب ويعتاص عليك التوفيق بين رأي الشيوخ أو رأي الشباب. ولعل ذلك ناجم عن جرثومة هذا الأدب وأن نهضته أسست على التقليد من غير أن تكون ملكة الاستقلال والنقد بارزة تميز صائب الرأي وتنفث خطله
ترى طائفة من الشيوخ أن الأدب في رفض هذا النحو المألوف لدى العرب في دراسة الأدب من إلمام بالقواعد ودراسة لجيد النثر ورصين الشعر، وتذهب إلى أن كتب النحو وأسفار البلاغة من أمثال كتب الجرجاني والقزويني حتى اليازجي وأسفار ابن هشام وابن مالك حتى الشرتوني والجارم يجب أن تحرق وينبغي أن تمحى، وأن هذا الشعر وتلك الخطب التي قرضها أمثال حبيب ودبجها زملاء زياد لا يجوز أن نجعلها ثقاف أدب لعقول الأدباء، وأن لغة الصحف والكلام العادي الذي يكتب بعيداً عن الفن نائياً عن مقياس الأدب القديم هو التأدب الحق فكفى المرء أدباً أن يقرأ حتى لو أخطأ رفع المبتدأ ونصب الحال مادام هو أو السامع قد فقه مغزى ما يريد. ويرضى من الكاتب أن يخط حروف الهجاء بكلمات تبين عن المعنى ولو مجملاً حتى يضحى بعد مدة كل عربي قادراً أن يفهم الأدب إذا ما قدر أن يتلو الكلمة بعد معرفته ربط الحروف. وهذا رأي ينادي على نفسه بالخطل ويجعل القارئ في شك من عقل صاحبه أو حسن نيته. ومن المؤسف أن نقول إن من