للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دراسات للمستشرقين]

قيمة التراجم الأعجمية الموجودة للقرآن

للعلامة الأستاذ الدكتور أ. فيشر

حين أبدأ بنشر تعريب بعض آثار المستشرقين أرى أن أذكر أني طالما ترددت في أن أنقل إلى العربية دراسة من دراسات هؤلاء العلماء لتكون ضمن مواد (الرسالة)، وما ذلك إلا لأنه (أولاً) ليس من السهل أن يقع الاختيار على بحث قائم بذاته ليس له ارتباط بدراسة أخرى سابقة له أو لاحقة تستكمله أو تنقض شيئاً منه، ثم هو إلى ذلك مما يستهوي قراء الرسالة. و (ثانياً) لأن أبحاث المستشرقين النابهين هي دراسات علمية أجمع على صحتها، ويستسيغ من تابع دراسة الاستشراق دراسة منظمة فهم تلك الأبحاث وإدراك كنهها. وكنت أخشى أن يصطدم بعض حضرات القراء بهذه العقبة، ولكني وجدت في دراسة العلامة الأستاذ الدكتور أ. فيشر لقيمة التراجم الأعجمية الموجودة للقرآن ما يغنيني عن الأخذ بهذه التقديرات. وأرى قبل أن أسوق إلى إخواني في اللغة بحثه معرباً - وكان قد نشره باللغة الألمانية في أواخر سنة ١٩٣٧ - أن آتي بشيء من سيرته؛ أما التبسط فيها فله مجال آخر. وهأنذا أستعير كلمات المغفور له ج. برجستراسر الأستاذ السابق بالجامعة المصرية لنتعرف منها على مكانة الأستاذ العلامة أ. فيشر، فقد وصفه (بالمعلم الأكبر) في الحفلة التكريمية التي أقامها له العلماء المستشرقون من ألمان وإنجليز وفرنسيين وروسيين وغيرهم في جامعة ليبزج بمناسبة بلوغه الستين من عمره، وكان ذلك في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير سنة ١٩٢٥. وقد أسس معهد اللغات السامية في ليبزج منذ سبع وثلاثين سنة. وتفرغ للغة العربية الفصحى لعصرها الذهبي (حتى صار حجتها ومرجعها)، (جامعاً بين علوم اللغة وآدابها، متفرداً في دراسة الشعر)، (محيطاً بتاريخ الشعوب الإسلامية والعربية والسامية) (واقفاً على دقائق الحياة الفكرية فيها). ثم هو إلى ذلك (يسيطر على كل اللغات السامية التي لها بالعربية صلة قريبة أو بعيدة). وهو في كل بحث له يتعقب مسائله مسألة مسألة إلى أقصى حدودها) لذلك كانت (دراساته التي ينشرها قطعاً من ذهب جاء بها من كنزه الذي لا يفنى). أما معجمه اللغوي التاريخي الذي أخذ منذ سنين يضحي من أجله جل وقته وجهده، ثم أهداه إلى مجمع اللغة العربية الملكي الذي يسّر له

<<  <  ج:
ص:  >  >>