للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

إبراهام لنكولن

هدية الأحراج إلى عالم المدنية

للأستاذ محمود الخفيف

يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من

سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . .

- ٢٧ -

ولقد كانت هذه السنة الثانية للحرب أسوأ الأيام التي مرت بالرئيس طيلة حياته. وأي شيء أشد سوءاً من الهزيمة والخذلان؟ وإن الرئيس ليخشى أن تنحل العزائم وتخور القوى وبخاصة حين أحس الناس أن الحرب لابد أن يطول أمدها ويشتد سعيرها. وهاهو ذا تهامس الأمهات بدأ يصل إلى مسمعيه. وليته كان تهامس الأمهات فحسب، فان كثيراً من الرجال قد أخذوا يبدون تململهم وتذمرهم ويعلنون عن رغبتهم في وضع حد لهذه المحنة القومية. . .

وكان مما يكرب الرئيس ويوجع نفسه أن كثيراً من الناس كانوا يلومونه ويرجعون سبب الهزائم إليه؛ ويغفلون في ذلك عما كان يفعل قواده وعلى الأخص ماكليلان، ذلك الذي كانت محبته والثقة به إحدى خطايا الجماعات

ورجحت كفة الجنوبيين في البر ولكنهم في البحر كانوا أذلة؛ ذلك أنهم لم يكن لهم مثل ما كان لأعدائهم من الجاريات المواخر فيه؛ ولقد استطاع أحد القواد البحريين وهو فَرَّاجُت أن يسير في تلك السنة بسفنه إلى نيوأورليانز فيصليها من ناره ويأخذها عنوة، وكان انتصاره هذا وإذلاله أهل الجنوب على هذا النحو مما خفف على الشماليين بعض ما كانوا يلاقونه في البر من هوان وذلة. . . ولسوف تكون تلك القوة البحرية في النهاية عاملاً من أهم عوامل النصر، الأمر الذي لم يفطن إليه أهل الجنوب إلا بعد فوات الفرصة. . .

وبينما كانت الحرب تتأجج نارها ويتفجر بركانها، وتتواثب في البر والبحر شياطينها، كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>