لما قرأت رواية (بونا انطون) للأستاذ كرم ملحم كرم لمست بخاطري
رواية نوتردام دو باري لشاعر الفرنسيس فيكتور هوجو، وخفق أمام
عيني مسرح الراهب كلود فرولو وقد ملأها الهواء فانتفخت حتى بدت
وراء ظهره كالقربة؛ تمثلته بالخيال يصعد عجلان سلالم الكنيسة، لا
حقاً بالرقصة الحسناء (ازميرالدا) ملحاً عليها بأن تحبه فيجثوا أمامها
ضارعاً لهيفاً، كما يجثو أمام المذبح في المعبد، ويناشدها الغرام الأثيم
ثم يقول لها: تخيري أحد أمرين: إما شهوتي العاتية وإما الموت
الزؤام، فاختارت الثاني فطوح بها هذا السفاح في مهاوي الردى وقد
اتهمها بالقتل، وما قتلت إلا يده الجانية وغيرته الطاغية فهو الذي طعن
حبيبها الأمير فوبوس من خلفه إذ كان إلى جنبها يناجيها في ليلة هادئة
مقمرة
ذكرت هذا كله حين قرأت رواية (بونا انطون) لنابغة القصة العربية في لبنان كرم ملحم كرم وقلت: بأبي الحق وأمي إن جاء من أهله! لقد كتب الأستاذ كرم روايته عن كاهن خبيث فصور لنا حياته الخفية التي لا يراها الناس، وعبر عن نزواته الصارخة واحتياله الوضيع بأسلوب رشيق أخاذ. لقد كان هذا الأب يغدو كل صباح إلى سيدة مهذبة فاضلة فيباركها ولا يكاد يقترب المساء حتى يهب في ديره إلى ارتداء قلنسوته ومسوحه فيمسح بيده طيباً، وينطلق إلى بيت السيدة التي سبته وسامتها وخلبته براعتها، فأصبح لها عاشقاً وامقاً، فيبارك عليها مرة وأخرى ويرمقها خلسة بعد خلسة بلحاظ لاهبة ذاهلة
كان هذا الكاهن يتابع زوراته واعظاً باسم الدين، ذئباً في صورة إنسان، حتى كشفت المرأة الذكية عن نيته وطويته، فإذا هو يحمل لها في قلبه حباً أقوى من حب روميو، ويكظم في