(جرائم واغتيالات القرن العشرين) كتاب نفيس وضعه الأستاذ عبد الحليم الهندي في جزأين أخرجهما للناس في الشهر الماضي. وابرز ما في الكتاب تصويره حياة ثلاثة من أعلام المحاماة. اختارهم المؤلف ضمن عظماء المحامين الذين تألق نجمهم في سماء المحاماة بمرافعاتهم في القضايا الكبرى في القرن العشرين وهم: الهلباوي في مصر، ومارشال هول في إنجلترا، وهنري روبير في فرنسا. قرأت الكتاب قراءة وتأمل وإمعان، فألفيته جديراً بان يقرأه كل مواطن، وكل محام، وكل شاب يعتنق مبدأ الحرية الفردية والسياسية.
المؤلف أستاذ أديب. ومحام نابه. كان محاميا عن الأفراد وقتا ما، وهو الآن محام عن الحكومة في مجلس الدولة. لازمته روح المحاماة، وكتب عنها بقلم المؤمن بها، المحب لها، فجاء كتابه قصة رائعة للمحاماة في أشخاص ثلاثة من أعلامها. مجد المحاماة تمجيدا صادرا عن عقيدة وخبرة إذ وصفها بأنها مهمة قبل أن تكون مهنة، وجعلها دعامة الحرية وسندها في ساحات القضاء. ولعمري أن هذا الوصف لهو أكبر مفخرة للمحاماة. وإن المحامي ليعتز بمهنته إذ يراها سبيل الدفاع عن الحرية وعن الحق. وفي ذلك يقول المؤلف:(سنرى في الصفحات التالية بطولة المحاماة وهي تخوض الغمرات في هذا السبيل. إنما هي الحرية غاية جيلنا من حياته. لا وسيلة لأغراضه ولا طب لأمراضه إلا بتدعيمها، وتعميمها والفسح من مداها، وما حرية الأمة إلا فيض من حريات بنيها واستقرار العدالة فيها. فإلى دعاة الحرية والعدالة هذه الصورة المصغرة لثلاثة من كبار المدافعين عن الحرية في ساحات العدالة).
وفي الحق أن الحرية هي ركن أساسي من أركان المجتمع الإنساني الجدير بهذا الاسم. وإذا تقلص ضلها في بلد من البلدان نزلت الأمة إلى درك عميق من الذل والهوان. الحرية قد