للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من أيام سورية التاريخية]

ذكرى ٢٤ يوليو!

للأستاذين علي الطنطاوي وسليم الزركلي

قال الملك فيصل رحمه الله: (. . . وقد كان بين هؤلاء الذين سقطوا صرعى في ميسلون بعض رفاقي في معارك فلسطين؛ وإني لأحني رأسي احتراماً لجميع هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل اعتداء لم يعرف له التاريخ مثيلاً. . .) (جريدة الأيام الدمشقية العدد ٨٦٣ من هذا العام)

أخرجْ من دمشق، وخلِّف وراءك الجِسْرَ وفيكتوريا، وهذه البِنْيَة ذات الطبقتين، التي كانت منذ خمسة عشر عاماً (النادي العربي) مثوى الوطنية، ومثابة الإخلاص؛ ودِعْ عن شمالك المرجة الخضراء، التي وقفها نور الدين على سوائم المسلمين، فرعاها نفر من الأقوياء الحاكمين، وعاثوا فيها آمنين مطمئنين؛ وجُزْ بالمِزّة وقلاعها، لا تلتفت إليها، ولا تأبَهْ لها، واستقبل الربوة لا تحفِل بقرارها ومعينها، ولا تعجبْ لأنهارها السبعة، وقد امتدت بين عَدْوَتي الوادي بعضها فوق بعض، كعقود اللؤلؤ في جيد الحسناء، وتناسَ ما قال فيها ياقوت وقد طوَّف أنحاء الدنيا، وجاب أرجاء الأرض، ثم رجع فلم يجد في الدنيا أنزه منها؛ وعدِّ عن النَيْرَب لا تذكر عهده، ولا تَبْكِ أيامَه، فقد ذهب النيْربَ، وغبرت أيامه، وفارقه وأنشد قول ابن حمدان:

سقى الله أرض الغوطتين وأهلها ... فلي بجنوب الغوطتين شجون

وما ذقت طعم الماء إلا استخفني ... إلى بَرَدى والنير بين حنين

وقد كان شكي في الفراق يروعني ... فكيف أكون اليوم وهو يقين

فو الله ما فارقتكم قالياً لكم ... ولكن ما يقضى فسوف يكون

واسلك على وادي الشاذروان، ولا يقفك عن غايتك أنه وادٍ من أودية الجنة، هبط إلى الأرض لتذكر فيه النفس أيام الجنة الأولى، فتطير إلى سمائها بأجنحة من نشوة الذكرى، ولا يثنك عن وجهتك هذان الجبلان المتعانقان، كأنهما عاشقان قد لبسا من النجوم المزهرة، والأشجار المثمرة، حلة أبهى من السندس، ولا (يزيد) الذي يجري في صلب الجبل يزخر بالمياه، فيطفح بها، فتهبط الصخر من علو مائة ذراع متكسرة مزبدة، كأنما هي ذوب

<<  <  ج:
ص:  >  >>