اللجين، حتى تعود إلى أبيها بردى، وهو يجري في بطن الوادي جياشاً ثائراً؛ واستقبل دُمّر لا تقف بجنانها ورياضها، ولا تفتنك قصورها ودورها، ولا يشبك هذا القصر العجيب، ذو المعارج الملتوية، والألوان والنقوش، والبرك والنوافير: قصر الأمير سعيد، ولا قصر شمعايا تجري من تحته الأنهار!
ودع عن يمينك معمل الأسمنت الفخم، الذي قام دليلاً على أن الشرق يستطيع أن يعمل، ويقدر أن يبني. ومركباته التي أبت أن تمشي على الأرض، فسارت متعلقة بأسلاك في الهواء. . وائت الهامة فدعها عن يمينك لا تنزل إلى السهل، ولا تفتنك أنهاره وبهجته، ولا تجذبك فسحته وخضرته، وامش واضعاً (قادسية) عن شمالك، ثم دُرْ دورة فاخرج من الوادي، وامش صُعُداً حتى تدع الوادي من ورائك، وتستقبل الصحراء الخالية القاحلة، فإذا أصحرت فدع الديماس وحدائقه وامش قدماً حتى ترى هذه الهضاب المتسلسلة، والآكام المتتالية، فاعلُها. . حتى إذا بلغت ذراها، ولمحت في عرض البادية، في حضن الجبل، بناءاً غريباً كأن سقفه جناحاً طيارة؛ ورأيت من أمامه سلسل ماء، فاهبط إليه، ثم قف خاشعاً منحنياً، فأنت في ميسلون، وأنت حيال قبر يوسف العظمة. . .