للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القراءة في زمن الحرب]

للأستاذ عباس محمود العقاد

هل للإقبال على القراءة في ومن الحرب أسباب حقيقية؟ وإن كانت لها أسباب حقيقية فما هي؟ وكيف يستفاد من هذا الإقبال خير فائدة؟

تلك بعض الأسئلة التي استخلصتها من خطاب مطول في هذا الموضوع، وأحسبه من أحق الموضوعات بالدراسة في الوقت الحاضر، لأنه موضوع القراءة الذي تنطوي فيه سائر الدراسات

فأما أن الإقبال على القراءة له أسباب حقيقية فذلك ما ليس فيه شك ولا يحتاج إلى بينة

إذ كل شيء حاصل فله لا محالة أسبابه الحقيقية، وألا لم يحصل ولم يكن له وجود، وإنما يجوز الخلاف في دوام هذه الأسباب وزوالها، أو في قوتها وضعفها، أو في خلوصها وما قد يشوبها من العوارض الغريبة عنها

فأما أنها حقيقية فذلك أمر لا محل فيه لخلاف

والأسباب التي تدعو إلى الإقبال على القراءة في هذه الفترة كثيرة لا تنحصر في ناحية واحدة، وقد تنحصر في جملة الأسباب التالية

فمنها أن البريد الأوربي لا يحمل إلى مصر كل ما كان يحمله إليها من الكتب والصحف والمجلات من معظم البلدان

فقد كان يرد إلى مصر بريد حافل بهذه المطبوعات في كل أسبوع، وكان له قراء مثابرون على مطالعته كلما وصلت رسالة من رسالاته. فانقطع بعض الذي كان يصل من فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا، وقل وصول بعض الذي كان يصل من إنجلترا وأمريكا، وتحول قراؤه إلى مراجع أخرى يشغلون بها وقت القراءة، ومعظمها من المراجع العربية الحديثة أو القديمة

ومن تلك الأسباب أن الصحف اليومية كانت منها صحف تصدر في أربع وعشرين صفحة أو عشرين، وصحف تصدر في ست عشرة صفحة ولا تقل عنها، وكانت إلى جانبها صحف أسبوعية تصدر في أربعين صفحة وتزيد عليها في بعض الأسابيع

فنقص كل ذلك نقصاناً بيناً بغير تدريج طويل، وأصبح الحد الأقصى للصحيفة اليومية في

<<  <  ج:
ص:  >  >>