للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حوادث الشرق الأقصى]

مشروع اليابان في الاستيلاء على الصين

بقلم باحث دبلوماسي كبير

بينما تشتغل أوربا والعالم بأسره بتطورات المشكلة الإيطالية الحبشية وما يترتب على تفاقمها من أخطار داهمه على سلام أوربا وسلام العالم، إذا بالشرق الأقصى يجيش بحوادث خطيرة قد يكون لها أكبر الأثر في مصير الصين والشرق الأقصى كله، ولكن يحجب عنا خطورتها، نأيهاً وغموضها وانحصارها في ذلك الركن من العالم؛ وهي ليست في جوهرها جديدة أو مستقلة، ولكنها حلقة جديدة في ثبت الحوادث التي يضطرم بها الشرق الأقصى منذ أربعة أعوام، والتي تضرمها وتذكيها السياسة اليابانية كلما آنست فرصة صالحة للعمل

وليس من الصعب أن نتلمس في حوادث الصين الجديدة رغم غموضها، وجه الصلة بينها وبين الحوادث المماثلة التي تقع في الصين بين آونة وأخرى، فالسياسة اليابانية هي التي تنظمها وتوجهها بأساليب متماثلة، وتتذرع لاضرامها بنفس المعاذير: اعتداء على المصالح اليابانية في ناحية من النواحي، أو مقتل أحد الرعايا اليابانيين، أو اضطراب الأمن وعيث العصابات، أو دسائس الشيوعية؛ كذلك ليس من الصعب أن نتحرى العوامل والبواعث الدفينة التي تحمل هذا الغزو الياباني المنظم إلى داخل الصين بين آونة وأخرى تارة بالقوة العنيفة، وتارة بالوسائل السياسية، فاليابان تكاد تفصح عن نياتها ومقاصدها الاستعمارية البعيدة في كل مناسبة، وإن كانت ما تزال تستتر وراء بعض المظاهر والعبارات الخلابة التي يمهر الاستعمار في صوغها

وقد بدأت اليابان منذ بضعة أسابيع في القيام بمحاولة جديدة لبسط نفوذها على مناطق جديدة من الصين؛ ومهد قادة الجيش الياباني في شمال الصين لذلك بمؤتمر عقدوه في دايرين ثغر منشوريا الجنوبي، ووجهوا على أثره بلاغاً نهائياً إلى الحكومة الصينية الوطنية (حكومة نانكين) ضمنوه المطالب الآتية:

١. قمع الدعوة الشيوعية في الصين، وهي دعوة مهدها ومصدرها منغوليا

٢. قمع أعمال (الكومن تانج) (الحزب الوطني الصيني) وأعمال الجمعية الوطنية الصينية

<<  <  ج:
ص:  >  >>