احتفل مجمع فؤاد الأول للغة العربية يوم الاثنين الماضي بافتتاح دورة المؤتمر السادس عشر، وقد جرى على أن تكون جلسة الافتتاح حفلا يدعو إليه جمهرة من رجال العلم والأدب، وقد امتلأ المكان بهؤلاء إلى جانب أعضاء المجمع من مصريين وأجانب شرقيين وغربيين. افتتح الجلسة معالي رئيس المجمع بكلمة وجيزة رحب فيها بالعضوين الجديدين، وذكر من توفي من الأعضاء بالثناء والترحم. وبعد ذلك ألقى المراقب الإداري للمجمع كلمة معالي وزير المعارف التي حيا بها الأعضاء وأشاد بما يبذلون من الجهد في النهوض باللغة العربية، ومما جاء في هذه الكلمة قول معالي الوزير: وقد يطرق مسامعكم حينا بعد حين، دعوة يصيح بها صائح من وراء الجدران السامقة، يريد أن يحملكم على شيء من التسامح والرفق في علاج بعض مشكلات اللغة، بتقبل بعض العامية في معاجم الفصحى، أو بمحاولة تفصيح بعض الكلمات الأعجمية، ولست أشك - وأنتم بالمكان الرفيع بين أهل العلم والفن والأدب - أنكم حين تستمعون لمثل هذه الدعوة ستضعونها تحت مجهر البحث والتحقيق، لتلائموا بين حق اللغة في وجوب حياطتها والمحافظة على سلامتها، وبين مقتضيات التطور الطبيعي في التعبير بهذه اللغة عن حاجات الحياة دون أن يكون لذلك أثر في سلامتها وفي خصائصها، فأنتم هنا حماة الفصحى وأنتم سدنة معبدها المقدس.
ثم ألقى الدكتور منصور فهمي باشا كاتب سر المجمع، كلمة أجمل فيها أعمال المجمع في عام، وقد قدم لها بمقدمة اعتذر فيها من إملال هذا السرد الذي يتكرر في كل عام، فكانت هذه المقدمة بمثابة إنذار. . . ولكنه لم يطل في ذلك بل أسرع إلى التعليق خشية أن يكون ذلك السرد كالرغيف يؤكل بلا أدام، والشطيرة تؤخذ دون أن تدهن بالزبد، كما قال، وقد كان الأدام أو الزبد تصويره لجهود المجمع ببعض التشبيهات التي منها أن هذه الجهود مثل طاقة الكهرباء في فعلها وأثرها مع فارق ملحوظ هو أن الكهرباء تؤثر في الأطوال البعيدة والأعراض الممتدة في لحظة يسيره ويصل تيارها إلى غاياته في لمح البصر، أما المجرى الذي يسير فيه التفكير اللغوي فتتكون مادته من نفوس الناس التي لا تتجانس كما تتجانس